وله غير ذلك وكأنت وفاته في الساعة الثالثة من نهار الحادي والعشرين من ربيع الثاني سنة ست وخمسين ومائة وألف رحمه الله تعالى.
[حسين بن معن]
حسين بن فخر الدين بن قرقماس المعروف بابن معن الدرزي الأصل الشامي نزيل قسطنطينية أحد خواجكان الدولة العثمانية ورؤسائها المشهورين بالمعارف والبيان والفضائل والاتقان كان عارفاً متقناً لأمور الدولة مفنناً بالأدب يغلب عليه التقوى والصلاح كان والده فخر الدين أميراً مشهوراً من طائفة كلهم امراء ومسكنهم بلاد الشوف من جانب السلطنة بعد موت أبيه وعلا صيته وشأنه وتدرج إلى أن جمع جمعاً كبيراً من السكبان واستولى على بلاد كثيرة منها صيدا وصفد وبيروت وما في تلك الدائرة من اقطاع كالشقيف وكسروان والمتن والغرب والجرد وخرج عن طاعة السلطنة ولما وصل خبره للدولة العلية بعثوا لمحاربته الوزير أحمد باشا المعروف بالحافظ نائب دمشق وكثيراً من امراء هذه النواحي وصدر بينهم المحاربات ولم يظفر الحافظ منه بظفر ثم بعد ذلك زاد طغيان فخر الدين والاستيلاء على البلاد وبلغت أتباعه نحو المائة ألف من الدروز والسكبان واستولى على عجلون والجولان وحوران وتدمر والحصن والمرقب وسلمية وبالجملة فإنه سرى حكمه من بلاد صفد إلى انطاكية وبلغ شهرة وافية وقصده الشعراء من كل ناحية ومدحوه ولما تحقق السلطان مراد خان مخالفته وتعديه بعث لمقاتلته الوزير أحمد باشا المعروف بالكوجك وعين معه امراء وعساكر كثيرة فركب عليه وصارت له النصرة من طرف الله تعالى وقتل أولاً ابنه الأمير علي حاكم صفد ثم قبض على فخر الدين ودخل به إلى دمشق بموكب حافل وفخر الدين مقيد على الفرس خلفه ثم أرسله إلى طرف السلطنة هو وولديه الأمير مسعود والأمير حسين المترجم ولما وصل إلى قسطنطينية وكان السلطان مراد خان في يوم دخوله في اسكدار فعند الوصول أمر بحبس فخر الدين وأرسل ولديه إلى سراي الغلطة وكان ذلك في سنة ثلاث وأربعين وألف ثم في شوال من السنة المذكورة أمر السلطان المذكور وزيره بيرام باشا بقتله فأخذ فخر الدين من حبس بستانجي باشى إلى تجاه مكان الوحوش المعروف بأرسلان خانه ورميت رقبته هناك وجثته ألقوها في المكان المعروف بات ميدان وولديه المذكورين مسعود والمترجم أما مسعود فلكونه كان اذ ذاك كبيراً خنق وألقى في البحر وأما المترجم حسين فلكونه صغيراً رشيداً فالحاً أبقوه في سراي الغلطة كعادتهم وعدل عن مذهب أسلافه وتبع منهج الاسلام