ويمنحهم احسانه وانعاماته وهم لبابه وفود قد اتخذوه عضداً وجعلوه ركناً وسنداً وأرباب العقول في دمشق في هم وكدر وخوف وحذر كل منهم متحير في أمره ومتخوف من هذا الحال وعواقب شره ووالي دمشق وأمير الحاج أسعد باشا المذكور ناظر لهذه الفعال متحير من تلك الأحوال لأن الشقي منهم كان إذ ذاك يجئ إلى حبس السرايا سراي ويخرج من أراد من المحبوسين من غير إذن أحد علناً وقهراً وإذا مر الوزير المذكور بهم وهم جالسون لا يلتفتون إليه ولا يقومون له من مجالسهم عند مروره بهم بل يتكلمون في حقه بما لا يليق بمسمع منه فيحتمل مكارههم ولا يسعه إلا السكوت واستمر أمرهم على ذلك إلى أن كتب في شأنهم للدولة العلية فورد الأمر بقتلهم وإبادتهم فأخفاه الوزير مدة ثم بعد ذلك أظهره وشرع في قتلهم وإبادتهم وأعطاه الله النصر وفرجت عن أهالي دمشق الشدائد وأزاح الله هذه الظلمات بمصابيح النصر والفتوحات ثم بعد أشهر قليلة كتب الوزير المذكور إلى الدولة العلية بخصوص صاحب الترجمة وما هو عليه وأرسل الأوراق التي في حقه مع علي بك كول أحمد باشا وكان ذلك بتدبير خليل أفندي الصديقي وأعيان دمشق ثم صادف إن صاحب الدولة كان حسن باشا الوزير وكان يبغض المترجم لكونه لما جاء قريب المذكور أحمد أغا أغت أوجاق الينكجرية طرده وصار آخراً وزيراً فأدخل للسلطان أحواله وعرفه طبق مكاتبة أسعد باشا وكان أسعد باشا ضمن للدولة تركته بألف كيس ثم جاء الخبر بقتله وكان قبل ذلك صار من أهل دمشق عرض في خصوصه فلم يفد ولما وصل كان هو باسلامبول فأعطى العرض له ولما جاء لدمشق صار يخرجه وينتقم ممن اسمه مكتوب فيه وكان السبب في ذلك وجود آغت دار السعادة السلطانية قوجه بشير أغا وكان المترجم منتمياً إليه وكان للأغا المذكور نظر على المترجم وحماية فصادف حين كتب الوزير المومي إليه ثانياً إن بشير أغا توفي وحان المقدور وآن وقته فجاء الأمر بقتله ولما وصل الأمر جئ بالمترجم إلى سراي دمشق وخنق في دهليز الخزنة التي عند حرم السرايا وقطع رأسه وأرسل للدولة وطيف بجثته في دمشق ثلاثة أيام في شوارعها وأزقتها مكشوف البدن عرياناً وضبط تركته الوزير المذكور للدولة العلية فبلغت شيئاً كثيراً وقتل بعض أتباعه وخدامه وضبطت كذلك أموالهم وتفرق الباقون أيدي سبأ كأن لم يكونوا وانقضت دولته كأنها طيف خيال أو لمعان آل وكان قتله يوم الأحد بعد العصر بساعة خامس عشر جمادي الثانية سنة تسع وخمسين ومائة وألف وساعة قتله صارت زلزلة جزئية وآخراً بعد الطواف بجثته دفنت بتربة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى وعفا عنه.