الصالح التقي كان من أفاضل وقته خصوصاً في فقه مذهبه مع صلاح واجتهاد في العبادة والتقوى والاشتغال بمطالعة كتب الصوفية واتباع سنن الاسلاف ولد بدمشق وقرأ بها على أجلة من شيوخها واقرأ دروساً وأفاد وأخبرت انه ألف حاشية على المنهاج في فقه مذهبه وتلمذ للاستاذ الشيخ أحمد النحلأوي ولازمه فلمحته من حضرته لمحة وأمده من نفحاته بنفحة فاستغرق في بحر الوجدان والشهود وتفانى عن الأغيار في مقام الوجود وتغير لحال زاد منه ولهه واستغراقه فلازم البيت وانكف عن المخالطة واستقام على حالته إلى أن مات وكأنت وفاته مطعوناً في سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف ودفن بتربتهم بباب الصغير وأخوه السيد علي كان من أخيار الأتقياء الناجحين الأولياء أدركته وهو ممن يتبرك به وبدعواته وبالجملة فكلاهما كانا من خيار خلق الله تعالى الناهجين على طريقة الأبرار وكأنت وفاته في سنة تسع وثمانين ومائة وألف ودفن أيضاً بتربتهم المذكورة رحمهما الله تعالى.
[حسين بن حسن تركمان]
حسين بن موسى باشا ابن محمد المعروف بابن حسن تركماني التركماني الأصل الدمشقي الميداني أحد كبراء الجند بدمشق وأعيانهم وسراتهم الأمير السخي الجواد الممدوح كان من رؤساء الأجناد وكبراء أوجاق الينكجرية المشار اليهم موصوفاً بأحسن الأوصاف ومنعوتاً بأجمل الأخلاق يكرم الأفاضل والأدباء بالجوائز الحسنة ومع هذا كان عالي الشأن والقدر وصار كتخدا جند الأوجاق المذكور واشتهر وشاع صيته وهو وأسلافه لهم قدمة في الرياسة وكانوا في الجملة زينة المواكب وطنت حصاتهم في الآفاق وربما كانوا مع توابعهم ولواحقهم وأقاربهم يقاربون ربع العسكر ودارهم في محلة باب المصلى من الدور العظيمة وأعطاهم الله القبول حتى نالوا وكثرت دولتهم ولم يزالوا في عز وجاه حتى فاق لهم الزمان وغدر بهم وفاجاهم بالمحن والرزايا ونسخ آياتهم ورض بنيان عزهم ومجدهم وجعلهم مندبة الأيامى ومجنة اليتامى وفضل منهم بقية نالوا بعض الرفعة ثم أودى بهم الدهر إلى أن قتلوا في فتنة اليرليه في زمن الوزير أسعد باشا ابن العظم حاكم دمشق وأمير الحاج والآن البقية منهم من آحاد الناس وكان موسى باشا والد المترجم بعد تنقله في مناصب الأجناد صار أميراً على الحج وحج في الناس سنتين متتابعتين وتولى امارة عجلون وفوضت إليه حكومتها ثم في ثاني سنة من امارته على الحج وقعت الفتنة والواقعة مع الأمير حمد بن رشيد أمير بلاد حوران حين نهب الحج بالعود فقتل موسى باشا في المعمعة وكأنت قتلته في سنة احدى وثمانين وألف وبقي ابن رشيد بعده مدة والطلب