وقرأ في الأموي بالسنة المذكورة ولازم التدريس والاقراء والافادة ولزمه الطلبة لللأنتفاع والاستفادة وأقرأ من كتب النحو والصرف والمعاني والمنطق والاصول والحديث وغيرهما في مجالس عامة وخاصة وأنتفع به خلق وأخذ عنه جم غفير وكنت قرأت عليه شيئاً من النحو وكان يقيم الذكر في الجمعات في الجامع الأموي في المشهد المعروف ببني السفر جلاني وطريقته الطريقة الشاذلية المزطارية وهو أخذها عن جماعة منهم والده عن الاستاذ الشيخ محمد المغربي المزطاري إلى أخر السند وكذلك عن الشيخ إبراهيم كرامة الاسكندراني وتنافس هو وخليفة المزطاري الذي هو من بني السفرجلاني بخصوص ذلك وأرادوا أخذ المشهد لأجل ذلك ووقع بينهم ما وقع من الحصام والجدال واستقر الحال على أن ابن الشيخ عبد الرزاق السفرجلاني خليفة المرطاري يكون في المشهد الكائن بالقرب من باب البريد المعروف بمشهد الحرمين وأن يكون المترجم في المشهد الثاني الذي كان يقيم به الذكر الشيخ عبد الرزاق المذكور وصار لكل تلاميذ ومريدون وصار للمترجم تدريس البخاري في مدرسة الوزير إسماعيل باشا العظيم وكان قبل ذلك له بها وظيفة حفاظة الكتب وكان والدي أحدث له في وقف السنانية عشرة دارهم عثمانية في كل يوم وكان يجله ويحترمه وبالجملة فقد كان أحد مشاهير الافاضل بدمشق ولم يزل على حاله إلى أن تبرأ الدار الآخرة وكأنت وفاته في ليلة الجمعة تاسع عشر شوال سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف ودفن من اليوم في تربة باب الصغير وسيأتي ذكر والده محمد في محله رحمهما الله تعالى
[أبو المكارم بن حبيب]
أبو المكارم محمد بن مصطفى بن حبيب الشيخ الفاضل الأوحد الملقب بالدده الحنفي الارضرومي السيد الشريف نزيل دار السلطنة قسطنطينية وقاضيها وأحد علمائها الاعلام الافاضل قدم دار السلطنة في دولة المرحوم المولى شيخ الاسلام فيض الله المفتي بالدولة العثمانية وأدخله الطريق وسلكه وترقى بالرتب حتى صار قاضياً في الغلطة خارج قسطنطينية ثم ولى قضاء البلدة المذكورة بعد مدة واشتهر وتفوق ونهض للمعالي وتسنم ذراها وأقبلت عليه الدنيا بحذافيرها وعظم شأنه وقدره واتسعت دائرته وكل ذلك لتقرب شيخ الاسلام المذكور للحضرة السلطانية ونفوذ كلمته وإقبال الملك عليه وكان المترجم مع هذا فاضلاً