ومنها ما حكاه الفاضل عبد الرحمن المهمنداري ولد العلامة أحمد المهمنداري الحلبي المفني بدمشق وكان ممن يعتقده وله فيه مزبد الاعتقاد وهو كثير التردد إليه قال لما أنتقلت إلى الساحة التي عند دارنا نمت في بعض الليالي فرأيت الناس يهرعون إلى الصالحية ويقولون ان الشام غرقت بالزيادة فسرت معهم وصعدنا جبل قاسيون فإذا الشام كما قيل قد غرقت والماء يصعد إلى الجبل ونحن نفر منه وقد عاينا الهلاك فبينما نحن في كرب عظيم وهم جسيم وإذا بالشيخ حسين قد أقبل وشق الصفوف وجلس على ركبتيه وشرع يشرب الماء فعاينت النقص فيه ثم صار هو يشرب والماء يهبط وهو يتبعه قال فأيقنت انه حمل حملة أهل الشام ثم اني خرجت إليه فرأيته يئن ورجليه متورمة كالجسر فسألته فقال ولك امك وأبوك هذه المياه التي شربتها صرفت من رجلي قال فمضيت إلى الصلاة ورجعت وإذا الماء ينبع من أسفلها وامتد إلى باب الساحة واختفى الماء منها فعوفيت من وقتها وحصلت له الراحة وقد حكى عنه الكرامات غيرها كثيرة الا تحصى عدداً ورأيت في بعض المجاميع انه كان يتمثل بهذين البيتين المشهورين وهما
أنا لن عشت لست أحرم قوتاً ... ولئن مت لست أعدم قيرا
وحكى انه كان بين جماعة فأذن المؤذن فقالوا له قم حتى نصلى فأنشد البيتين المشهرين أيضاً وهما
يصلي من له فرس وعبد ... وجارية ومملوك ودار
وأما المفلسون فما عليهم ... إذا تركوا صلاة الخمس عار
وكأنت وفاته بدمشق ليلة الجمعة الثامن والعشرين من جمادي الأولى سنة ست ومائة وألف وصلى عليه بعد صلاة الجمعة الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي وكأنت جنازة حافلة وازدحم الناس على حمله ودفنه ودفن بتربة مرج الدحداح رضي الله عنه.
[حسين السرميني الحلبي]
حسين السرميني المنشأ الحلبي الموطن الشافعي المدرس بالجامع الأموي في حلب الشيخ العالم الكبير والفاضل الشهير المحدث النبيه الفرضي الفقيه أخذ العلم عن الاستاذ العارف الشيخ عبد الغني النابلس الدمشقي والشيخ أبي المواهب الدمشقي والشيخ محمد الوليدي المكي أجازه سنة حجه ذلك في سنة تسع وعشرين ومائة وألف ثم عاد إلى حلب وأنتفع به خلق كثير وكأنت وفاته في سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف رحمه الله تعالى.