منها قال له رفيقه إياك والشجرة أمامك فانحنى حتى تجاوزها فلما رجعا من ذلك الطريق أيضاً انحنى أبو العلا لما قرب من مكان الشجرة ورفيقه ينظر إليه ويحكي عن حذق أبي العلا المذكور إنه أنشده المنازي أبياتاً بالشام فقال له أنت أشعر من بالشام ثم اتفق اجتماعهما بالعراق بعد سبع سنين فأنشده المنازي أبياتاً أخر فقال له ومن بالعراق ومثله ما حكى عن داود الحكيم الأنطاكي صاحب التذكرة وغيرها إن رجلاً دخل عليه وقال له أي شيء يقوم مقام اللحم فقال البيض فغاب عنه سنة وجاءه فرآه منهمكاً في تركيب معجون وهو يجمع أجزاءه فقال له بأي شيء يقلي فقال بالسمن وحكايات حذقه كثيرة ذكره من ترجمه ثم إنه أعنى صاحب الترجمة في آخر عمره ترك الاقراء وخرج من ذلك المسجد واشترى له داراً بالقرب من المحلة الكبرى وكانت وفاته بحلب في سنة سبع وثلاثين ومائة وألف ودفن بمقبرة العبارة خارج باب الفرج ولم يعقب غير بنت وخلف مالاً كثيراً رحمه الله تعالى.
[عمر الوحيد]
عمر بن مصطفى بن مصطفى الملقب بالوحيد كما إن والده كان يلقب بالعاطف عاطف أفندي هذا له مكتبة في ميدان وفا وقد رأيت بصائر صاحب القاموس بها وهذه المكتبة محرومة عن نسج العنكبوت لوجود من يعتني بأمرها من بيت الواقف وأما مكتبة بشير أغا فعليها قفل عظيم مصون عن الفتح تحاكي مكتبة جامع شهزاده الحنفي القسطنطيني أحد أعيان الدولة ورؤسائها أرباب الشهرة والصولة الكاتب الماجد المحتشم المعتبر الرئيس النبيل الدين العمدة ولد بقسطنطينية دار السلطنة ونشأ بكنف والده وكان والده من رؤساء الدولة وأعيانها وسيجئ ذكره في محله وقرأ القرآن ودأب على التحصيل والكتابة والانشاء وحسن الخطوط فبرع ومهر وأتقن الخطوط ولازم الديوان العثماني وباشر كتابة المناشير والتواقيع السلطانية وولي المناصب الديوانية وعلت كلمته وتوقرت حرمته واتسعت دائرته ونمت ثروته ثم بعد توليته المناصب واستخدامه بأمور الدولة صار رئيس الجاويشيه ورئيس الكتاب خارجيه ناظري وأمين السقايين السلطانية وأمين الدفتر وطغرابي الدولة نشانجي طغراكش ومستوفيها الذي هو وكيل بيت المال المعبر عنه في الاصطلاح العثماني بالدفتري والدفتردار ماليه ناظري وكتخداي الوزير الأعظم مستشار وتكرر ذلك له واشتهر بين الناس ورجال الدولة بالأمانة والخير والديانة وشدة البأس وعدم المحاباة واعتمد عليه في الأمور وتمشيتها وصار المستشار في مهام الدولة