البراوي والصعيدي وغيرهم ودخلها مرة ثانية واستقام إلى حدود ثلاث وخمسين ورحل إلى الحجاز مرة من مصر وثانية بعد أن استوطن دمشق في سنة ثمان وستين وأخذ عن علماء الحرمين وأجازه بالافتاء والتدريس واقراء العلوم منهم العلامة الشهير الامام الشيخ محمد حياه السندي ودخل دمشق في سنة ست وخمسين وحضر على المحدث الشيخ إسماعيل العجلوني والفقيه الشيخ علي كزبر وكذلك العلامة الفاضل الشيخ علي الداغستاني نزيل دمشق واقرأ الكثير ولزمه الطلاب وأفاد واستفاد وله تعليقة على لسان القوم وبعض تعليقات بالفقه وقطن بدمشق بالمدرسة السميساطية وكذلك في المدرسة الفلاقنسة وكان في ابتداء أمره لا يقبل من أحد شيأً وكان زاهداً أخبر بعض تلامذته إنه عرض عليه شيأً كثيراً من المال فلم يقبل وقال انظر من هو أحوج مني وكان إذا سمع ذكر الله يغط ويرتعد ثم يفيق ويقول جلت عظمة ربي وكان حافظاً للألسن العربية والتركية والفارسية والكردية وبالجملة فقد كان من العلماء الأعلام والمحققين العظام وكانت وفاته في سنة اثنين وسبعين ومائة وألف في دمشق ودفن بصالحيتها بسفح قاسيون وقد زاحم الستين رحمه الله تعالى.
[عبد الرحمن الكردي]
عبد الرحمن بن حسن بن موسى الشافعي الكردي المولد الدمشقي المنشأ والوفاة تقدم ذكر والده في محلة الشيخ الصوفي العارف الصالح التقي النقي الفاضل كان من مشاهير المشايخ الصوفية بدمشق معتقداً عند الخاص والعام تحبه الناس وتكرمه مع أخلاق حسنة واستقامة مستحسنة وصلاح حال ممدوح وطبع محمود ولما توفي والده في سنة ثمان وأربعين ومائة وألف وكان يقرئ فصوص الحكم للشيخ محيي الدين ابن العربي قدس سره ففي يوم وفاته اجتمع التلامذة وجاؤا بالمترجم وأجلسوه كان والده وكان لا يظن به أن يصير أهلاً للأقراء حتى إن أحد التلامذة ذهب لدرسه حتى ينظر كيف يقرر الدرس استهزاء بقدره لما كان عليه من عدم المعرفة بذلك فرآه يقرر ويقرئ مثل والده وأمسك في ذلك كراسة والده وابتدأ من المحل الذي وقف عليه والده وشرع في التقرير المقبول في ذلك واستمر يقرئ ذلك وغيره كالفتوحات وغيرها إلى أن مات مستقيماً على وتيرة واحدة مبجلاً بين العال والدون محترماً مكرماً ومعتقداً خصوصاً عند النساء فكان يردن عليه زمراً ويأخذن منه التمائم هن والرجال أيضاً