بسفح قاسيون في مكان يقال له الروضة في جانب الداودية تجاه مرقد سيدي الشيخ مسعود في أعتابه عند بابه بوصية منه وسيأتي ذكر ولده في محله رحمهما الله تعالى.
[علي المنيني]
علي بن أحمد بن علي الحنفي المنيني الأصل الدمشقي المولد الأديب الفاضل الفائق ولد بدمشق في حدود سنة سبع عشرة ومائة وألف وقرأ القرآن على الشيخ علي المصري وقرأ على والده المقدم ذكره ولما رحل والده للروم تصدر في غيبته للأقراء في العادلية وترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه بدر النادي الطالع من أفق الكمال والمجمع على نباهته بالتفصيل والاجمال ورد الفضل يافعاً فحياه علماً نافعاً وريحانة شبابة ترف وعيشه ناعم ترف ترف الأولى مضارع من الرف التلألأء والثانية كفرح بكسر الراء من الترف بمعنى الرفاهية والتنعم وهمته تتخير من الأدب اللباب وتتناول منه ما تقطع دونه الأسباب حتى حل بحبوحة حوزته المنبعة وأتقن في استحساناته مسلكه وصنيعه ولبس من الذكاء البرد المشهر وجمع بين الحياء والعرض المطهر إلى أخلاق لم تدنس بالشهائب ولطافة عليها حبات القلوب ذوائب تحسد الصبا طبعه ولا تكدر صروف الزمن نبعه ولم يزل بين روح وريحان وميزان نموه كل يوم في رجحان إلى أن فجأه الأمر الذي لم تنفع معه الرقي والتمائم وغابت تلك المحاسن التي أزرت بزهر الكمائم فسقى صيب الرحمة تربة ضمنه حتى تروى وتلك السجايا التي بأفواه الثنا تروى تروى الأول من الري والثانية من الرواية وله شعر معدود وهو بالاجابة محدود فمن نفثات كلامه ورشحات أقلامه الذي أطلعت عليه بعده وجعلته سميري في الوحدة انتهى مقاله ومن شعره قوله
نسيم الصبا قد نبهت أعين القمري ... وقد حركت أغصان عنبرها الشجري
وأكست رياض المجد رونقها التي ... تجر على النكبا ذيولاً من الفخر
تبث اشتياقي كلما هب شمأل ... يفوح لناديه شذاه من العطر
لعمرك إن جزتي سحيراً فبلغي ... رسالة أشواق تنوء عن الفكر
إلى صاحب الأفضال والمجد والتقي ... وأحمد كل الناس ذي الشيم الغر
أخي همم علياء في كل حاجة ... يفك عقود القول بالفهم كالدر