ولا يمل من حديث فيه ... إذ كل لطف استقر فيه
يا من هو المصباح والنبراس ... في الليلة الليلاء والإيناس
يا صاحب اللب القوي الراجح ... أعف عن الخل وكن مسامحي
عدمت رشدي وكذا حواسي ... والله من مرارة الافلاس
إذ لم يغادر درهماً نفيساً ... مذ شام سيفه وصال عيسى
فملت لما اشتد بي عذابي ... إلى كتابتي للأكتساب
لا زلت في كلاءة الرحمن ... ولم تزل تسمو على الأقران
ما بزغت نجومك السواطع ... وشنفت نكاتك المسامع
ودمت في ذكائك الصحيح ... بالرمز تستغني عن التصريح
وكتب إليه أيضاً الأديب المذكور مكي نثراً وهو قوله سلام يتعطر برياه الوجود وترقى مخدرات قبوله في مطارف السعود وتحايا طاب شميمها ففاقت على العبير نشراً وعبقت فوائح رباها فزكت طيباً ونشراً وثناء تحلت الجوزاء بفرائده وتوشحت خود الحسان بقلائده إلى من سل مني سويداي ولبي وتملك بلطافته مهجتي وقلبي من نبغ بالفضل ففاق على أقرانه وداب في فن الأدب فصار فريد زمانه المنوه باسمه الكريم في صدر طرس هذا الرقيم كيف وهو بحر بكل فضل محيط وحائز المجد الكامل بالجود البسيط طويل الباع مديد المناقب وجهه كالبدر في الضيا متقارب بشهد له فضله الكامل فهو وافر الحكمة حسن الشمائل وجوهر فكره المنسرح خفيف السباحة في بحر الآداب المقتضب من كل فن ما زكا جناه وطاب ليس له في العلم مضارع ولا في المديح مشارك ولم يزل ضده في رجز من سريع بأسه المتدارك
رمل القلب يمدح ... فيك يا بحر المعاني
بنظام رائقات ... صاغها صب معاني
وكانت وفاة المترجم في ثامن وعشرين شعبان سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح رحمه الله تعالى.
[عبد الحي الغزي]
عبد الحي بن علي بن سعودي بن محمد نجم الدين المعروف بالغزي الشافعي الدمشقي ولد في السابع والعشرين من جمادي الثانية سنة ثمانين وألف وتوفي والده وسنه إذ ذاك دون الخمس سنين وأسند وصايته عليه إلى ابن عمه عبد الحرمن الغزي ورباه وأحسن تربيته وكفله أجمل كفالة وقرأ القرآن على الشيخ علي المقري