فهذا جواب عن سؤالك ناطقاً ... بملغزك المرموز من غير ما عجب
أجابك شامي كمحتدك السني ... ثوى في بلاد الروم من سائر الحقب
أقام بها سبعاً وعشرين حجة ... فصار كأهليها يعد من العرب
ويدعى بعبد للآله الذي له ... نهاية اكرام وذي الجود والوهب
لعبد الغني السامي لنسبة خدمة ... ونابلسي الأصل ينعت في القطب
فما اسم ثلاثي تراه بما مضى ... وقلب له لا يستقر من الحب
يهيم به كل امرء لنواله ... ويكدح في مرآه في طلب الكسب
وأوله ذل الهوان وذيله ... بجد وكد في لقاه وفي كرب
وتصحيفه عطر يفوح شميمه ... بمسك وطب يقتنيه ذوو الطب
وعين من الأعيان يرعاه طلسم ... وجسم له عار يعار بلا ثوب
وتقميصه لا زال في كسوة له ... وتلقاه في أعلى المنازل والترب
أجب عنه يا خلي لتحظى بنيله ... من الواهب الداني يزيد على السحب
ودونك أبياتاً تخجل ناظماً ... لتقصيرها عند الأديب ذوي اللب
فأسبل عليها ستر عفواً بيدي ... فمثلي ذي التقصير والعي والعتب
فأجابه العطار بديهة مغيراً للوزن لا القافية
لله درك يا ذا العلم والأدب ... ومن أقر له التحرير في الكتب
لأنت فهامة في كل مشكلة ... إذا حللت لها وفيت بالأدب
فإن كشفت قناعاً كان مستتراً ... من تحته لغزي ما ذاك بالعجب
وقد أجبت بما يشفي الفؤاد به ... من فكرة في دجى الأشكال كالشهب
وجئت تسأل عن لغز عقدت به ... عقداً من الدر في سلك من الذهب
لكن بأوله ذل الهوى وبه ... هاء الهوية تغري الصب بالوصب
يهدي إلى طرق الفردوس صاحبه ... وطال ما جر أقواماً إلى اللهب
لا زلت خير رفيقيه وقد هطلت ... منه عليك غيوث الفيض كالسحب
واللغز الذي نظمه العطار شرحه الحلبي المذكور في رسالة قليلة وهي عندي وهو لغز في جبر واللغز الثاني في ذهب وكانت وفاة المترجم في اسلامبول سنة تسع وثمانين ومائة وألف ودفن بتربة قاسم باشا رحمه الله تعالى.
[السيد عبد الوهاب الحلبي]
السيد عبد الوهاب بن محمد قرط ابن الشيخ مراد المعروف بالعداس الحلبي العالم