رنا فأودع قلبي ... سهم الآسى والمنون
فذاب من حر شوقي ... فقطرته جفوني
ومن شعر المترجم في المجون ما كتبه لبعض أحبابه مهنئاً له بزفاف وهو قوله
قيمت لك الأفراح في كانون ... إذ كنت بالأسخان كالكانون
أوصيك عبد المحسن التقوى فلا ... تأتي إليها من ورا الطاحون
قد كنت ترغب بالحرام وطالما ... جئت البيوت بأظهر وبطون
أصبحت ترغب في الحلال تكلفاً ... ورجعت منه بصفقة المغبون
وأقمت في شق العجوز مخيماً ... والناس راجعة على ذنون
فأسلم ودم بالكسكسون منعماً ... تحشى النقانق في حشا خاتون
وكان المترجم ذهب إلى الروم وأوصى صاحباً له يقال له الشيخ عبد الوهاب السؤالاتي في باب الجامع الأموي وقال له مهما وقع من الوظائف محلولات اكتب لي عنها حتى أتخذها لمعاشي فصار الشيخ عبد الوهاب يكتب له الحمد لله الأسعار رخيصة وسعر اللحم كذا والخبز كذا واللبن كذا والحمص والعدس وما شابهها ولا يتعرض إلى شيء مما أوصاه به فضجر منه فكتب له هذين البيتين في ضمن كتاب أرسله له وهما قوله
فأما أن تكون أخي بصدق ... فأعرف منك غثى من ثميني
وإلا فأطرحني وأتخذني ... عدوّاً أتقيك وتتقيني
وبالجملة فقد كان نزهة النفوس وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح رحمه الله تعالى.
[محمد النهالي]
ابن يوسف المعروف بالنهالي الحنفي الرهاوي الأصل الحلبي المولد نزيل قسطنطينية الأديب الألمعي الفاضل الكامل قرأ على أفاضل بلدته وكان مكباً على تحصيل الفضائل والكمالات وأقام مدة بالمدرسة الحلاوية وصار له غاية الاكرام من الوزير محمد باشا الراغب وكان المترجم أديباً شاعراً فمن شعره قوله
يا راكب اللهو قصر ... عنان خيل التصابي
يداك لم تقو حبس ... اللجام بعد الشباب
وله
كنت في غفلة من العشق لما ... أيقظتني نواعس الأجفان
كشفت عن مجاز عيني غطاها ... فأرتها حقائق الأكوان