للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يبكيك فقال له جد هذا ووالده وأعمامه كلهم في عائلتي وأنا قد نكحتهم جميعاً والآن أنكح هذا فأبكي حزناً على أولاد هذا وأولاد أولاده من ينكحهم بعدي أتذكر ذلك وأبكي انتهي قلت وما ذكر من مدح العارض والعذار محمول على المبالغة في الأشعار والاقتدارات في ابراز المعاني والعبارات وايراد الابتكارات الأدبية والا فمن يفضل الملتحي على ذي الوجنة الطرية ومن يميل إلى وجنة تلطخت بالسواد ولبست لموت جمالها ثياب الحداد وذبت ورودها واكتست جلباب الشعر خدودها شتان بين خدانيق يزدري بطراوته ونكهته الورد وحمرة الشقيق وبين المخالي ومن سودت وجهه الأيام والليالي فمن ينظر للقمر وقت المحاق أو يدخر الفضة بعد الاحتراق أو يعتاض عن الآرام بالقرود أو يستبدل بالترف خشن الخدود أو يستحسن كسوف الشمس أو يستغني بعجوز الشياطين عن عروس الأنس وكل ما أبدوه ابتكارات واختراعات للأقتدار لا لمدح العارض والعذار انتهى وللمترجم وكتبه لبعض أصحابه مضمناً

يا من أفاض على الراجين سحب ندى ... من كفه فوق هم ضيقة العطن

إني قصدتك من جور الزمان فلا ... نخيب الظن وأعددها من المنن

واذكر معاهد أنس قد مضين لنا ... تحكي رياض المنى في غابر الزمن

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يائفهم في المنزل الخشن

فهاك ابنه فكري قد بعثت بها ... اليك مستشفعاً في رونق حسن

فأسبل عليها ذيول الستر سابغة ... واغنم ثنائي لكم في السر والعلن

والبيت المذكور ضمنه بعضهم مع الاكتفاء وهو ما حكي إن الأمير بدر الدين بيلبك خزينه دار الحضرة القاهرة كان لتاجر وذلك التاجر يحسن إليه وهو في رقه فلما باعه تنقلت به الأحوال إلى ما صار إليه وافتقر التاجر فيما بعد فحضر إليه إلى مصر وكتب إليه رقعة فيها

كنا جميعين في كد نكابده ... والقلب والطرف منا في أذى وقذا

والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوي فلا تنسني إن الكرام إذا

فأعطاه عشرة آلاف درهم وكانت وفاة صاحب الترجمة في ربيع الثاني سنة اثنين وخمسين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى ورثاه الأديب الشيخ عبد الله الطرابلسي مؤرخاً بقوله

على صالح يا قوم تبكي المنابر ... فقد همعت بالحزن منا المحاجر

به أفلت شمس الكمال فأرعدت ... مصيبتنا والحزن بالغم ماطر

وغيضت مياه الحزن عنك فملنا ... وحقك قلب عند فقدك صابر

وليل العنا فينا اكفهر ظلامه ... وضاقت علينا للفراق السرائر

<<  <  ج: ص:  >  >>