نزلنا لديهم نرتجي من نوالهم ... موانح أسرار لسقم الهوى تشفي
فوافى بشير بالهناء مبشراً ... لحسن قبول قد تسامى بلا صرف
ومنح فيوض من سحاب سمائهم ... بأمداد فضل وبله دائم الوكف
فلا بدع إن وافى السرور لأسعد ... بمدح كرام سرهم للسوى ينفي
فأهديهم مني السلام تحية ... بمسك ختام عطره جل عن وصف
تغاديهم ماسح بالسفح أدمع ... وما مستجير جاء يأوى إلى الكهف
وقوله
شط النوى بأحبتي فجفوني ... فتواصلت بالمرسلات جفوني
وتصاعدت نار الجوى بجوانحي ... والنوم من شوقي جفته عيوني
لولا فراق أحبتي وبعادهم ... ما بت أروى لوعة المحزون
أبغى السرى والعيس عز مسيرها ... والطرق سدّت عن فتى مسجون
يا جيرة طال اغترابي عنهم ... عنكم رحلت بصفقة المغبون
وسريت أقطع للبلاد سياحة ... بمهامه رجلاً وفوق متون
فظننت صحبي يحفظون مودّتي ... بعدي فحابت في الصحاب ظنوني
ودّعتهم أرجو اتصال رسائل ... منهم فلم يجد الرجا ودعوني
لم يكفهم هذا التناسي والجفا ... حتى قلوني بالجفا وسلوني
كم أحتسي منهم سلاف ملامة ... في ذوقها رشف لكأس منون
خلوا الملام على البعيد ببعده ... ودعوا شؤنكم لكم وشؤني
وجدي سما شوقي نما دمعي هما ... نومي انتفى صبري اختفى بفنوني
عطفاً جميلاً وابعثوا برسالة ... تشفى الفؤاد وبالوصال عدوني
ودعوا التمادي في الوعود تفضلا ... فلقد قضيت من البعاد ديوني
وقوله أيضاً
حبي وحبك للجمال اليوسفي ... هو خالد وبغيره لا أشتفي
بالبعد تلحاني ولم تر حسنه ... فإذا نظرت فبعد ذلك عنف
فبخده الورديّ روض قد جنت ... منه نواظرنا وإن لم يقطف
وبثغره ماء الحياة لوارد ... فبورده نار الجوانح تنطفي
تحلو محاسنه لناظر وجهه ... وحديثه العذب الهنيّ يلذ في
قد شاقني لما بدا متبسماً ... برق الثنايا من عقيق المرشف
ولقد قنعت بكأس خمر حديثه ... لما منعت من الرحيق القرقف