لو تركها غرق في بحار الوحول أو لو تصدق بها للاحتساب وجعلها طعمة للذباب وهزوة للكلاب لكي تستريح من صب صوت العذاب فكم طوينا بها والليل حالك مهامه فسيحة الارجا والمسالك في سعة الصدر الكريم أو قريب من ذلك حتى أشرفنا على البلد المعروف والوطن المألوف فخرج إلى استقبال الداعي كل كبير وصغير ونحن لهم بصدد التوقير إلى أن غصت أفواه الطرق بالناس وأسفرت وجوه المحبين بالاستيناس
فقلت لصاحبي انعم صباحا ... لعمرك قد تعارفت الوجوه
وأوقد في بعض الأسواق الشموع والشمس في الرابعة والدعوات لأولياء النعم متتابعة والتأمين بالارتفاع حتى من ذوات القناع ولا سيما عند وصول الداعي للدار واجتماعه بمن كان له في الأنتظار من أهل وحرم وأتباع وخدم كان أبكاهم ألم الفراق وتجرعوا مرارة كاسه الدهاق فرب قارة في كنها لم تخرج وطفل من وكنه بعد لم يدرج وكان الارجاف بنا أقعدهم عن النهوض ومنع أجفانهم من لذة الغموض وتخلى عنهم كل صديق كان يعد للمضيق
لا تعدن للزمان صديقا ... وأعد الزمان للأصدقاء
وبحمد الله تعالى سهام مطاعن الأعداء علينا طاشت وأباطيل الحساد اضمحلت وتلاشت ومودات من قد كانوا دفنوا المعرفة عاشت ومن غضب من غير شيء كان من غير شيء رضاه فلا بلغ حاسد ما يتمناه وبتوفيق الله تعالى قد بذل الداعي ما في طوق الامكان من إكرام كافة الاخوان ولم يبدلا حد منهم صفحة انكار ولا أحوجه إلى مضض الاعتذار
على أنني أقضي الحقوق بطاقتي ... وأبلغ في رعى الذمام لهم جهدي
وما مثل الداعي ومثل من دبت إليه منهم عقارب النميمة ورموه عن قوس الزور والبهتان بكل عظيمة إلا كما قيل
كل يوم يقول لي لك ذنب ... يتجنى ولا يرى ذاك منى
فانا الدهر في اعتذار إليه ... وإذا ما رضى فليس يهنى
ربما جئته لاسلفه العذ ... ر لبعض الذنوب قبل التجني
على أن الأكثر فيما تقولوه وازهقه الله فبطل كما قيل في المثل مكره أخاك لا بطل
ورب اشارة عدت كلاماً ... ولفظ لا يعد من الكلام
ونثار المترجم من جزيل وأشعاره كثيرة وكأنت وفاته في ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى وبنو كيوان بدمشق طائفة