للسياحة في البلاد الشامية لأجل زيارة من بها من الأولياء ثم دخل بيت المقدس وعمر به الخلوة التحتانية وهي التي تنسب إليه وبها تقام الأذكار والأوراد ولها تعيين من خبز وأكل على تكية السلطان لمن بها أقام وفي جمادي الثانية سنة تسع وعشرين توجه راجعاً إلى دمشق واجتمع بالسيد محمد ابن مولاي أحمد التافلاتي وكان تقدم اجتماعه به في طرابلس الشام أوقاتاً مفيدة ونزل صاحب الترجمة في حجرة بالمدرسة الباذرائية وفي شهر رمضان عزم عمه محمد أفندي البكري على الحج فتوجه معه لأنه كان يتناول ما يخصه من أملاكهم وخرج معه إلى أن عاد إلى الشام وكان عمه وعده بتزويج ابنته فلم يتيسر ذلك ثم رحل إلى الديار القدسية ووصلها آخر ذي القعدة فتزوج هناك وأرخ زفافه بعضهم بقوله زفت الزاهراء للقمر وأقام هناك غير فارغ ولالاه مشتغلاً بما فيه رضي مولاه إلى أن قدم والي مصر من جهة دمشق لزيارة بيت المقدس وهو الوزير رجب باشا فزار صاحب الترجمة وصار له فيه مزيد الاعتقاد ولما ذهب إلى الديار المصرية اصطحبه معه فدخل مصر وأقام بها مدة وأخذ عنه بها خلق كثيرون أجلهم النجم محمد بن سالم الحفني ثم توجه إلى زيارة القطب العارف سيدي السيد أحمد البدوي قدس الله سره ومن هناك سار إلى دمياط وأقام هناك في جامع البحر وأخذ بها عن علامتها الشمس محمد البديري الشهير بابن الميت وقرأ عليه الكتب الستة والمسلسل بالأولية وبالمصافحة وبلفظ أنا أحبك وأجازه اجازة عامة بسائر مروياته وتأليفاته ثم رجع إلى بلده بيت المقدس على طريق البحر وأقام بها خمسة عشر يوماً ومنها إلى حمص ومنها إلى حماة ونزل في بيت السيد يس القادري الكيلاني شيخ الجادة القادرية بحماة فأخذ عنه الطريقة القادرية ومنها رحل إلى حلب وكان واليها الوزير المقدم ذكره وأخذ عنه بها جماعة منهم الشيخ أحمد بن أحمد خطيب الخسروية الشهير بالبني وفي آخر شهر رجب الحرام توجه إلى دار السلطنة العلية قسطنطينية المحمية على طريق البر فدخلها في سابع عشري شعبان ونزل مدرسة سورتي مدة وبعدها تنقل في كثير من المدارس والأماكن ومكث بتلك البلاد معتكفاً على التأليف والنظم في السلوك وحقائقه غير مشتغل بأمر من أمور الدنيا ولا توجه فيها إلى أحد من أرباب مناصبها وكان كلما سكن في جهة وشاع خبره فيها وقصده أهلها يرتحل إلى أخرى أبعد ما يكون عنها وهلم جرا وفيها كان يجتمع بالامام الكامل السيد محمد بن أحمد التافلاتي المقدم ذكره وهو شيخه من وجه وتلميذه من آخر فإن صاحب الترجمة كان يقول عنه تارة شيخنا وأخرى محبنا ولم يزل بها مقيماً ينفق من حيث لا يحتسب ولا يصل إليه من أحد شيء أبداً وفي سنة سبع وثلاثين ومائة وألف أخذ العهد العام على جميع طوائف