الأديب الألمعي ولد بدمشق سنة خمسين ومائة وألف وقرأ القرآن على الشيخ سليمان بن محمد أبي الدنيا بن جمال الدين المصري المقري وعلى الشهاب أحمد بن عبد اللطيف التونسي المغربي وتلاه وحفظ بعض المتون وقرأ في الفقه والتفسير والنحو وأخذ علم التفسير الشريف والحديث وبقية العلوم من منطوق ومفهوم عن أجلاء منهم الامام علاء الدين علي بن صادق بن محمد الطاغستاني الحنفي تريل دمشق قرأ عليه الكثير والشيخ أحمد أثير الدين بن عبيد الله بن عبد الله العطار الشافعي وأنتفع به وأبو الفتوح البرهان إبراهيم بن عبد الله السويدي البغدادي وجده لأمه الامام الكبير أبو النجاح أحمد بن علي المنيني الحنفي والشيخ الفاضل محمد ابن حسين الحصاري الحنفي وغيرهم وبرع وتفوق وكان له ذكاء تام وحذق زائد وقوة حافظة وسرعة حفظ ومتانة مع حسن الأخلاق ودماثة الطبع ونظافة الملبوس وحسن المطارحة والصحبة وجودة الخط وسرعته وكثرة العقل وحسن التدبير والادراك التام وكان الوالد يحبه كثيراً ويثني عليه ويجله وصرفه بأملاكه وعقاراته كيف شاء وأذن له بتعاطي أموره وادارة دائرته فتعاطى ذلك وباشره طبق رضاء الوالد وكان لا يخرج عن ارادته بأمر من الامور ويكلفه الوالد إلى أشياء لا يطيق حملها أحد وهو يتلقاها بالبشاشة والقبول ومع ذلك واشتغاله بامور والده الجلائل كان لا يشغله عن المذاكرة والمطالعة شيء ولا يفتر عن تعاطي مطارحات الأدب بين أصحابه واخوانه ولما كان الوالد يقري الهداية في السليمانية كان يعيد له الدروس واشتهر فضله وأدبه ونبله واعطاه الله القبول وأحبه الناس وذهب إلى دار السلطنة قسطنطينية مع والده وجده وإلى القدس والخليل وعمر الدار التي هي بالقرب من دارنا جوار الحمام العقيقي وصرف عليها المال الكثير وزينها أنواع النقوش وأحجار الرخام واتقن صنعها ولما مات استوحش منها الوالد وباعها بأبخس ثمن وكان يحبني ويودني ويبذل جهده في مرضاتي رحمه الله تعالى مع أنه هو الاكبر سناً وقد رأو كان ينظم الشعر وينثر الاسجاع في الرسائل التي تصدر عن والدي وشعره قليل منه هذه الأبيات نقلتها من خطه
لقد كنت أهواها ولم أدر ما الهوى ... وزاد غرامي الآن والعين تدمع