فخر القلم وزينة المهرق نبغ منهم ماجد اثر ماجد فارقه الدهر وهو لعمري عليه واجد حتى طلع هذا بمجد لا مدعى ولا منتحل وهمة لو رامها البدر لأستحذى له زحل فركض في حلبة من حلبات المجد وعانق الغرام في ليل الجد والوجد فهو الآن خلاصة ذلك العنصر وله الفضل الذي تتباهى به الأعصر فهو أحق إلى العلى من شارف مجده متنافس فيه من تالد وطارف وله شعر أخلصه السبك أبريزاً فسما على نظرائه زجاجاً وتبريزا أثبت منه ما تديره كؤوساً على الندام فيتسلى به فؤاد لا تسليه المدام انتهى مقاله ومن شعره قوله من قصيدة
دمع بتذكار أحباب له سفحاً ... وباح من سره المكتوم ما افتضحا
ومعهد بالحمى صاف ترف له ... سرائر في سويدا القلب قد سنحا
أثار لاعج صب كان منكتماً ... بين الضلوع وشوق زند قدحا
حيث الشبيبة والأيام مقبلة ... وحيث دهري عن معوجه صلحا
نشوان أختال من خمر الصبا مرحاً ... لا أستفيق غبوقاً لا ومصطبحا
وقوله
وردنا مقامك نجلي الهموم ... بشرب المدام وتنفي الكرب
فلم نر فيه الجناب الرفيع ... وما فيه بغيتنا والأرب
فكاد الفؤاد جوى أن يذوب ... لغيبة شهم العلى والنسب
فلما قدمت أضاء المكان ... وزاد السرور بنا والطرب
فدرها سلافاً وحث الكؤوس ... فهذا الصباح أراه اقترب
وهذا النسيم له مؤذن ... وهذي البلابل تملي الخطب
فدا والكلوم ببنت الكروم ... وأفرغ نضارك فوق الذهب
وقوله أيضاً
حبذا عيشنا ونحن بروض ... بين هزل من الكلام وجد
وغناء من مطرب وأغان ... وعبير يضوع من عطر ند
وهزار مغرد وغدير ... بين وردين من نبات وخد
وسقاة مثل البدور وناي ... ومدام وضم خصر ونهد
وقوله أيضاً
لا ولحظ بابلي سحره ... وخدود حفها حسن الضرج
وخصور مضها طول الضنى ... وشعور فوقها تحكي السبج
وثنايا درها منتظم ... في عقيق زانه فيها الفلج