بعد الألف ونشأ بها في كنف والده المتقدم ذكره واشتغل بطلب العلم على والده وعلى غيره ولازم الشيخ إبراهيم الفتال ومفتي دمشق الشيخ إسماعيل الحايك والشيخ عبد القادر ابن عبد الهادي أخذ عنهم الأصلين والنحو والصرف والمعاني والبيان والعلامة الشيخ عبد الرحيم الكابلي نزيل دمشق وأخذ الفقه والحديث ومصطلحه عن والده وقرأ على الشيخ عثمان القطان وأجازه المحقق الرباني الشيخ إبراهيم الكوراني نزيل المدينة المنورة والعلامة السيد محمد البرزنجي الكوراني نزيلها أيضاً وبرع في المعقولات لا سيما النحو والصرف والمعاني والبيان وجلس للتدريس بالجامع الأموي وعكف عليه الطلبة للاستفادة وكان عجباً في تقرير العبارة يؤديها بفصاحة وبيان وله من التآليف نظم الشافية في الصرف وشرحها شرحاً حافاً وله تشطير بديع على ألفية ابن مالك في النحو وله أرجوزة في العروض وغير ذلك من الرسائل وكان وقوراً ساكناً كثير البر بوالده وشوهد مراراً إذا كان في درسه ومر عليه والده يقوم من الدرس ويأخذ مداس والده منه ويمشي خلفه بأدب وسكينة ويلازم حضور دروس والده بالجامع الأموي بين العشائين وكان والده يحبه كثيراً ويحترمه ويدعو له لما كان عليه من البر والديانة والصيانة وملازمة الطاعات وكف اللسان عن اللغو والانقطاع عن الناس وكان ينظم الشعر الباهر فمنه قوله مشطراً الأبيات المنسوبة لجعفر الصادق رضي الله عنه
عتبت على الدنيا وقلت إلى متى ... تسيئين صنعاً مع ذوي الشرف الجلي
أفاقدة الانصاف حتى عليهم ... تجورين بالهم الذي ليس ينجلي
فكل شريف من سلالة هاشم ... بسيء حظ في مذاهبه ابتلي
ومع كونه في غاية العز والعلا ... يكون عليه الرزق غير مسهل
فقالت نعم يا ابن البتول لأنني ... خسيسة قدر عن علاكم بمعزل
وأما اساآتي فذلك انني ... حقدت عليكم حين طلقني علي
وقوله مشطراً هذه الأبيات المنسوبة لأبن عباس رضي الله عنهما
أحبوا الخيل واصطبروا عليها ... فإن بها المسرة والكمالا
وراعوا حقها في كل وقت ... فإن العز فيها والجمالا
إذا ما الخيل ضيعها أناس ... انلناها الترفه والدلالا
فخير في نواصيها أقتضي أن ... حفظناها فأشبهت العيالا