حين غابت ركائب الصحب عنا ... وسقانا الزمان كأس الفراق
وغدونا حيرى نكابد وجداً ... والتياعاً لشدة الاشتياق
جمعتنا الأقدار في هذه الدا ... ر نحيي معاهد الارفاق
بين باك شجواً وشاك غراماً ... وغريق بدمعه المهراق
بنفوس كادت من الشوق تقصني ... بجواها لولا ادكار التلافي
وقوله
سقياً لظل السنديانة كم مضى ... في سوحه عيش شهي المورد
حيث الربيع كسا الرياض مطارفاً ... خضراً وتوج كل غصن أملد
وسرى الصبا يجني رضاب مباسم ... الزهر الأنيق بذلك الروض الندي
والطير بين مغرد ومردد ... والماء بين مزرد ومجعد
والخيل تسبح في العجاج كأنها ... سفن جرين بمتن بحر مزبد
ترد الهياج نواضراً ويردها ... نقع التطارد في رداء أربد
حتى إذا ما أدلجت في نقعها ... هديت بصبح من طلاقة أحمد
وحين طلب من شعره الشيخ سعيد السمان أرسل له حصة منه وكتب له معها بقوله مضمناً البيت الأخير
ومصقع رام من شعري ليودعه ... ديوان من مجدهم يسمو إلى الحبك
فقلت إني وشعري كلما ارتفعت ... أشعار أهل الذكا ينحط للدرك
فقيل يكفيه فخراً أن يكون له ... راو كنا درة الأيام والفلك
أوفده منه على ندب يهذبه ... فضلاً ويثبت منه كل منسبك
فبينما الذهب الأبريز مطرحاً ... في أرضه إذ غدا تاجاً على الملك
وأرسل إلى الأديب سعيد السمان ملغزاً بقوله
يا لبيباً أفديك بين لنا ما ... اسم شيء نصيفه اسم مصر
وإذا ما صحفت كلاً من الشط ... رين يغنيك عن رضاب وخمر
جبل نصف شطره وهو لفظ ... بعد تصحيفه أتى فعل أمر
فأحبني أفديك من كل شين ... بجواب نظم والا فنثر
فأجابه والغزله بقوله
يا وحيد الأنام ذاتاً ووصفاً ... وفريداً في كل نثر وشعر
ومجيداً في كل معنى دقيق ... من بديع الكلام صائب فكر
قد أتاني من نفثك العذب نظم ... هو مغن عن رشف ثغر وخمر