يحيى الشأوي الجزائري المالكي المغربي وأخذ عن الشيخ عيسى الجعفري نزيل المدينة المنورة والشيخ أحمد القشاشي المدني والشيخ محمد بن علان البكري والشيخ غرس الدين الخليلي وإبراهيم بن حسن الكوراني وغيرهم وارتحل إلى مصر في سنة اثنين وسبعين وألف وأخذ فيها عن جماعة منهم الشيخ الشمس محمد البابلي والشيخ علي الشبراملسي والشيخ سلطان المزاحي والشيخ عبد السلام اللاقاني وعبد الباقي بن محمد الزرقاني ومحمد بن قاسم البقري ومحمد بن أحمد البهوتي وغيرهم ومات أبوه في غيبته بمصر ثم عاد إلى دمشق وجلس للتدريس مكان والده في محراب الشافعية بين العشائين وبكرة النهار لاقراء الدروس الخاصة فقرأ بين العشائين الصحيحين والجامعين الكبير والصغير للسيوطي والشفا ورياض الصالحين للنووي وتهذيب الاخلاق لابن مسكويه واتحاف البرره بمنقب العشرة للمحب الطبري وغيرهما من كتب الحديث والوعظ وأخذ عنه الحديث والقرآت والفرائض والفقه ومصطلح الحديث والنحو والمعاني والبياني أمم لا يحصون عدداً وأنتفع الناس به طبقة بعد طبقة وألحق الأحفاد بالأجداد ولم ير مثله جلداً على الطاعة مثابراً عليها وله من التآليف رسالة تتعلق بقوله تعالى مالك لا تأمنا على يوسف ورسالة في قوله تعالى فبدت لهما ورسالة في تعملون في جميع القرآن بالخطاب والغيبة ورسالة في فواعد القراءة من طريق الطيبة وله بعض كتابة على صحيح البخاري بنى بها على كتابة لوالده عليه لم نكمل وغير ذلك من التحريرات المفيدة وكان يسقي به الغيث حتى استقى به في سنة ثمان ومائة وألف فكان الناس قد قحطوا من المطر فصاموا ثلاثة أيام وخرجوا في اليوم الرابع إلى المصلى صاما فتقدم صاحب الترجمة وصلى بالناس اماماً بعد طلوع الشمس ثم نصب له كرسي في وسط المصلى فرقى عليه وخطب خطبة الاستسقام وشرع في الدعاء وارتفع الضجيج والابتهال إلى الله تعالى وكثر بكاء الخلق وكان الفلاحون قد أحضروا جانباً كثيراً من البقر والمعز والغنم وأمسك المترجم بلحيته وبكى وقال إلهي لا تفضح هذه الشيبة بين عبادك فخرج في الحال من جهة المغرب سحاب أسود بعد أن كأنت الشمس نقية من أول الشتاء لم ير في السماء غيم ولم ينزل إلى الأرض قطرة ماء ثم تفرق الناس ورجعوا فلما أذن المغرب تلك الليلة انفتحت أبواب السماء بماء منهمر ودام المطر ثلاثة أيام بلياليها غزيراً كثيراً وفرج الله الكربة بفضله عن عباده وله كرامات كثيرة وصدقات سرية على طلبة العلم والصالحين وكسبه من الحلال
الصرف في التجارة مع التزام العقود الصحيحة حتى في سنة خمس عشرة ومائة وألف كان والياً بدمشق محمد باشا ابن كرد بيرم فأرسل إليه من طرف الدولة العلية أن يضبط بعلبك والعائد منها ويرسله إلى طرفهم لكونها كأنت في يد شيخ الاسلام المولى فيض الله مفتي الدولة العثمانية فحين قتل صارت للخزينة السلطانية العائد منها حتى الحرير وغيره وكان لما وصل إليه الحرير طرحه على التجار بدمشق وأرسلوا منه جانباً إلى أخ الشيخ أبي المواهب صاحب الترجمة وهو الشيخ سليمان فذهب جماعة إلى عند المترجم وترجوا منه برفع هذه الظلمة عنهم فأرسل ورقة مع خادمه ابن القيسني إلى الباشا فلما وصل إليه هدده فهرب من وجهه فلما ذهب كان حاضراً في مجلس الباشا أحد أعيان جند دمشق وهو محمد أغا الترجمان وباش جأويش وغيرهما فأخبروه بمقام الشيخ وعرفوه بحاله من النسك والعلم والعبادة والولاية فلما تحقق ذلك وكان مراده أن يأخذ من الشيخ مالاً لما سمع بخبره من مزبد الثروة أرسل خبرا لا أحد يتعدى على التجار ثم إن التجار وقعوا على الشيخ مرة ثانية فأرسل ورقة أخرى إلى الباشا وذكر أن الرعية لا تحمل الظلم أما أن ترفع هذه المظلمة وأما نهاجر من هذه البلدة والجمعة لا تنعقد عندكم وأيضاً الحرير للسلطان لا لك وزاد على ذلك في الورقة فلما وصلت إليه ترك مراده ورفع الرمية بعدما علم بمقام الشيخ وإن الرعية تقوم عليه إذا فعل ذلك أنتهى وكان المترجم رحمه الله تعالى لا يخاف في الله لومة لائم ولا يهاب الوزراء ولا غيرهم وأصيب بولده الشيخ عبد الجليل قبل وفاته بسبع سنوات فصبر واحتسب ثم بولده الشيخ مصطفى وكان شاباً فصبر واحتسب ولم يزل على حالته الحسنة وطريقته المثلى إلى أن اختار الله له الدار الباقية وكأنت وفاته في عصر يوم الأربعاء التاسع والعشرين من شوال سنة ست وعشرين ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح رضي الله عنه ونفعنا ببركاته وسيأتي ذكر ولده عبد الجليل وحفيده محمد إن شاء الله تعالى ونسبته إلى فصه وهي قرية ببعلبك عن دمشق نحو فرسخ لأن أحد أجداده كان خطيباً بها فلهذا اشتهر بذلك وأجداده كلهم حنابلهالصرف في التجارة مع التزام العقود الصحيحة حتى في سنة خمس