فيه عقدة أنبائه وافى الشام واستوطنها وجنى أمانيها واستبطنها ونزل منها منزلة الوسمى في الرياض واعتاض بها عن وطنه بأحسن اعتياض ففاح شذاه وعرفه وخلص نقده وصرفه وطلب وجد ولم يعثر له جد وأقبل على الدواة والأقلام ولم يلو على من فند عليهما ولام وصان بحرفتهما بذل ماء محياه وقنع بمدادهما عن السوي ورواياه فأرانا الأزهار في الروابي المطلولة وتنمنم العذار في العوارض المصقولة وله البداهة التي لا تسابق بل تسبق الغيوث الهطالة والفكرة التي لا تلاحق بل تلحق المعاذة من شائبة البطالة والشعر الذي أطاعه فيه القلم وما استنكف ودعاه لمرامه فجرى ركضاً وما انكف إلا أن الزمان كر على عمر اقتباله وصرف عن وجهة الشباب وجه اقباله وقد أثبت له ما شاهده عدل يبرهن عليه بالنقل والعقل انتهى مقاله وقد أطلعت على ديوانه فاستحسنت مه ما ذكرته هنا فمنه قوله
بجمالك الباهي المهيب ... وبقدك الغصن الرطيب
وبدر مبسمك الشهي ... وصارم اللحظ الغضوب
وبقوس حاجبك البهي ... وسهمه البادي المصيب
وبعنبر الخال البهيج ... ومن به كل الخطوب
وبنون عارضك الذي ... من دونه شق الجيوب
وبجيدك اليقق السني ... وورد خديك العجيب
أرفق بصب هائم ... في الحب ذي دمع صبيب
وبقلبه نار ذكت ... بهواك زائدة اللهيب
لم تبق منه يد الغرا ... م سوى المراجع والنحيب
وسقام مهجته لقد ... أعياه حقك للطبيب
فهل الهوى بفؤاده ... فعل السلافة بالشروب
مولاي أدنفت المتيم ... فيك بالصد المذيب
وهواك قد أصمى الفؤاد ... كأنه راح القلوب
وأذاب قلباً في غرامك ... لا يقر من الوجيب
قد شاقه القمري في ... غصن من الروض الخصيب
ويلوح ألفا نازحاً ... ألقاه بالهجر المشوب
بالله هي ساعة ... في الحي يا ريح الجنوب