قدمه فالاقبال كأنما خلق لأجله واليمن في مواطئه بخيله ورجله وهناك جد لو كان بظبة صارم ما تبدا غراره وبشر لو سال بصفحة البدر ما خيف سراره وأنا إذا جئت أصفه ولا أقدر أني أنصفه قلت أعلى الله مكانه وشيد في أفق النباهة أركانه فما زال إلا من يواصل هدوه والجذل بصاحب رواحه وغدوه وله السلامة التي يهنأ بها ويحيى والدنيا التي لم تزل غضة العهد طلقة المحيا وله عندي وراء ذلك وداد برى من الكلف وامتداح لوناً له البدر لأنجلى عنه الكلف وهو في الفضل كأبيه وجده وإذا قيس بهما فقد انتهى لأقصى حده وأما أدبه فقد حل من البراعة مكاناً علياً وهمي ودقه على ربا الاجادة وسمياً وولياً فإذا أجال يراعه ملأ القرطاس بلاغة وبراعه وإذا وشى الصحائف من حبائر بديهته واملأته فكأنما أفاض عليها من أنواره ولألأته وقد اثبت له ما يهيج الأدب ويزينه وإذا وزن به الشعر رجحت موازينه فمنه قوله فيما كتبه إلى الأستاذ الكبير زين العابدين الصديقي يستدعيه لدمشق
قد ألبس الروض أنواعاً من الحبر ... وتوج الغصن اكليلاً من الزهر
ومدت الأرض وسط الروض جاشية ... من الزمرد في مستنزه نضر
وقام كل خطيب في الرياض شدا ... بلحن معبد وقع الناي والوتر
وفاح نشر عبير في دمشق غدا ... يغني بطيب شذا عن عنبر عطر
كأن عطر غوان قد ضمخن به ... أتت به من بخور نسمة السحر
وراقبت فرصة الأخفاء فانغسلت ... كالسحر بين مقر الجن والشعر
فاستبضعت كل لطف مع لطافتها ... واستصحبت كل عرف طيب الأثر
فقمت أنشق رياها وقلت لها ... جودي علي فإني لأت مصطبري
وخبريني أهذا العرف منشأوه ... عن طيب مخبر أم أطيب الخبر
قالت أعيذك من هذا النباء أما ... كفاك رونق هذا العام من خير
فالشام سامية والأرض نامية ... والسحب هامية بالطل والمطر
من أجل أن امام الوقت أعنى به ... زين الأنام وكهف البدو والحضر
ذاك الامام الذي بالمجد قد بهرت ... آيات محتده الزاهي على الزهر
وابن الامام الذي ما مثله أحد ... إذ كان في الغار ثاني سيد البشر
يروم جلق قصداً أن يشرفها ... بالبشر منه فتضحى نزهة البصر
فقلت أهلاً بما أديت من نبأ ... أودعت في السمع منه أنضر الدرر