المحقق الفاضل الأديب اللوذعي الامام الجليل الأستاذ الكبير كان فطناً حميد الأفعال معظم القدر عند الناس كأسلافه حليف مجد وسيادة ولد بحماه في ليلة الجمعة بعد طلوع الفجر في أواسط رجب سنة أربعين وألف واتفق أن والده ليلة ولادته رأى في المنام جده الأستاذ الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه وفي يده مصباح يضئ فقال له يا يحيى خذ علي وأعطاه المصباح فأستيقظ قريب الصباح فرأى زوجته جالسة وخادمتها يقظانة فقال لها يا أم مكي قد رأيت جدي في منامي فصدقي بما أقوله ولا تشكي رأيته وبيده مصباح يضئ وقال لي يا يحيى خذ علي إلى آخره فإن أتيت بمولود نسميه علي وأنت والجارية حوامل فعسى أن تسبقيها فأجابته الجارية بالأعتراض سيدي قد سبقت ستي إليه ومن أول الليل قد طرقها المخاض وهذا أوان الولادة ثم مكثت زوجته غير بعيد ووضعته في الوقت المذكور آنفاً فنشأ صالحاً متعبداً وقرأ القرآن العظيم وجوده واشتغل بقراءة العلوم وأخذها وتلقى الأدب فقرأ الفقه والعربية والمنطق واللغة والتصوف وأجازه جماعة من المشايخ الأجلاء في الحديث وغيره وكان مكباً على تحصيل العلوم والحقائق يجتهد في اقتناص شوارد الدقائق محباً لأرباب الكمال محبوباً لدى الخاص والعام وبالجملة فقد كان أوحد زمانه ذكاء وسناء وعقلاً وفضلاً وظرفاً ولطفاً وأدباً مع حسن ورع وعفة ونجابة وديانة واعتدال خلق وخلق ومما قيل فيه
لقد طالت خطاه إلى المعالي ... وسار لنيلها سير الجواد
فما للفخر غير علاه باب ... ولا للمجد غير سناه هادي
محل ما ارتقى أحد إليه ... ولا حظيته همة ذي ارتياد
ثم توجه للحج وهو مراهق دون البلوغ في صحبة والدته وابن عمه الشيخ عبد الرزاق في سنة اثنين وخمسين وألف واختتن في المدينة المنورة واتفق أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو في الحرم الشريف النبوي قبل أن يحج وحوله جماعة فقال له صلى الله عليه وسلم يا علي نحج في تلك السنة تولى نقابة الأشراف بحماة وحمص وعمل له شيخه الشيخ يحيى الحوراني تاريخاً وقصيدة فالتاريخ قوله
لما تصدر في النقابة أرخوا ... سعد النقابة في علي الكيلاني
وذلك في سنة سبعين وألف واستقام نقيباً في ذلك إلى أن توفي ابن عمه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ شرف الدين وجلس على السجادة القادرية في البلاد الشامية وذلك سنة اثنين وثمانين وألف فأقام بها على أحسن قيام وأتم نظام وسلوك تام كأسلافه