العصر الهمام الجبهذ صاحب الدولة والشهامة الندب المقدام المبجل المعظم الوقور المحتشم كان بدمشق صدر أعيانها وواسطة عقد رؤسائها يشار إليه بالبنان في كل حين وآن وقد اشتهر بمحاسن الشيم والشهامة والجرأة والاقدام وهابته الصناديد من الرجال وترقى إلى شوامخ المعالي وتسنم ذرى باذخة رفيعة مع معارف بنان ولسان ونباهة وطلاقة وذكاء وبشاشة ولطافة مجد أثيل وعز وجاه عز عن التمثيل ورزق الاقبال التام والحظوة مع الثروة وصار دفترياً بدمشق مدة سنوات وتولى تولية وقفي السليمانية وتصدر بدمشق وكان المرجع بها في الأمور وهو المدبر لأمور الملأ والجمهور وصار المآب في المهمات والموئل لأولي الحاجات وكانت دولته من ألطف الدول وله الخدام الكثيرة والأتباع واتساع الدائرة وكان يصطحب من العلماء والأفاضل شرذمة أجلاء وكذلك من الأدباء البارعين زمرة اكتسوا بجلابيب الآداب والفضائل وعنده من الكتاب فئة حشواها بهم اتقان الخطوط مع مزية المعارف وكذلك جملة من أرباب المعارف والموسيقى والألحان ومن المجاز والمضحكين جملة وبالجملة فقد كانت داره منتزه الأرواح ومنتدى الأفراح والذي بلغه من السمو والرفعة والشأن والجاه وغير ذلك لم يتناوله الأوائل وأتعب وأعجز الأواخر وامتدحته الشعراء من البلاد واشتهر صيته في الآفاق وبين العباد وقد ترجمه من امتدحه من الشعراء من دمشق وغيرها أخص أخصائه وأحد ندمائه الأديب الشيخ سعيد السمان الدمشقي في كتاب سماه الروض النافح فيما ورد على الفتح من المدائح وترجمه في أوله غير أنه كان ظلمه عام وأتباعه متشاهرين بالفساد والفسوق وشرب الخمر وهتك الحرمات وهو أيضاً متجاهر بالمظالم لا يبالي من دعوة مظلوم ولا يتجنب الأذى والتعدي ونسب إلى شرب الخمر أيضاً وغير ذلك لكن كانت له جسارة واقدام ونفع في بعض الأوقات للأنام ومن آثاره في دمشق المدرسة التي في محلة القيمرية والحمام في محلة ميدان الحصا وتجد يد منارتي السليمانية وغير ذلك وكان ذا انشاء بديع حسن لطيف مستحسن فمن ذلك قوله
دنا مثل بدر تم يبسم عن در ... غزال ومنه الفرق كالكوكب الدري