ابن حسين بن محمد بن علي بن عمر المعروف كأسلافه بالقاري الفاضل الأديب الكامل أحد المتنبلين من بني المجد والسيادة ومن نبغوا من ذروة العز وامتطوا صهوة الفضل والسعادة كما قال الأمين في نفحته من البيوت التي تقلد فحرها جيد الدهر واكتسب النسيم بعرف ثراها أرج الزهر مدائحهم كصحائف المحسنين بياضاً ونقاً وذكراهم كعهد الموقنين وفاء وبقا انتهى أقول وجده الشيخ عمر كان رئيس أجلاء شيوخ الشام وصدر الصدور اماماً عالماً مفنناً بارعاً وحيداً محدثاً فقيهاً أصولياً آثاره كثيرة وفضائله لا تعد ولا تحد وترجمه الأمين المحبي في ذيل نفحته وقال في وصفه ماجد خلقه مترع هدى وايقان يفجر المعروف غصنه المهتصر من أطيب العنصر الزاكي وأطيب المعتصر فهو مخصوص بعوارف الألطاف وبرد وجاهته لم يزل حالي الاعطاف اصطبح العزة واغتبق وتناول قصب الغايات فاستبق وروض أدبه موشي بالبديع موشع وميدان جولانه في القريض مرحب موسع وأنا مداحه الذي أباهي به وأفاخر وودي له كله من الأول إلى الآخر وقد أنجب فرعاً فرع وأصل وتحصل له من توفر أمانيه ما به إلى الغاية القصوى توصل ومن رقيق غزله
لعب الهوى بعقولنا من أجل من ... سلب الرقاد بمقلة وسناء
الخدّ منه كجلنار أحمر ... والقدّ منه كصعدة سمراء
وله أيضاً
من لقلبي في هوى عذب اللمى ... من سبي الألباب لما ابتسما
مخجل الأغصان بالقدّ الذي ... حمل البدور في حقف نما
ثالث البدرين نهاب النهى ... من هواه في فؤادي خيما
وامتدحه الأمين المذكور بهذه القصيدة
ميلة الغصن والقنا السمهريّ ... أثر من قوامه الألفيّ
والذي يفعل الحسام نراه ... مستفاداً من لحظه السيفي
في سطاه يرى ظلوماً ولكن ... بانكسار الجفون مثل بريّ
سلبت مقلتاه كل فؤاد ... أسرته بسحرها البابلي
ثم راشت وسط القلوب سهاماً ... أرسلتها حواجب كالقسي
رشأكم أمات يعقوب حزن ... قبل يحظى بريحة اليوسفيّ
قام يجلو من الجبين صباحاً ... تحت ليل من فرعه المرخي
وأدار الكؤس فينا ثلاثاً ... حيث لم يدفع الظما بالريّ
كأس راح من راحتيه وكأساً ... من رضاب وكأس خد ندي