ابن محمد بن شرف الدين الشافعي الخليل نزيل القدس بركة الزمان ونتيجة العصر والأوان الشيخ الامام المحدث العالم الفقيه الأصولي الصوفي الدين كان من أخيار العلماء المشاهير في وقته وصدور الأجلاء في تلك الديار وغيرها ولد ببلدة الخليل وكان أوان شبابه يتعاطى كسباً دنيوياً لمعاشه الجميل فحركته العناية الألهية لمصر الأمصار بإشارة شيخه العالم العامل الشيخ حسين الغزالي وبمدد شيخه الشيخ شمس الدين القيسي قطب زمانه نفعنا الله به وله معه واقعة ملخصها أنه أتاه بإناء يطلب شيئاً فقال له الشيخ محمد أملؤه لك فقال الشيخ شمس الدين إن ملأته ملأناك فملأه له حتى سال من جميع أطرافه فطلب وجد واجتهد وتلقى العلوم عن علمائها وما زال مشمر الذيل بها آناء الليل وأطراف النهار حتى أثمرت نخلاته وكملت في التحصيل نحلاته فاستجاز شيوخه فأجازوه وكتبوا له اجازتهم المستحسنة بما دروه ورووه وحازوه وكان شافعي المذهب أشعري العقيدة قادري المشرب فرجع من مصر بدراً تام الأنوار قد فاض نيل نيله المكثار وأزهر روض فضله المعطار فسكن بيت المقدس بإذن من الخضر عليه السلام حيث قال له أسكن بيت المقدس ونحن أربعون معك يا محمد أينما كنت وشد أزاره ونشر العلوم العقلية والنقلية للطلاب وكان وعظه يلين القلوب القاسية ويأخذ بنواصي النفوس القاصية وكان حاله الرباني غالباً على حاله العرفاني راغباً في الخيرات مكثراً للبر والصدقات تشربته قلوب الخواص والعوام وكان أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر يغلظ على الحكام مؤيداً للسنة في أقواله متبعاً لسبلها في أفعاله كثير الحب للفقراء والمساكين مقبلاً على زوار المسجد الأقصى والمتقربين قد لبس جلباب التواضع وخلع خلعة النفسانية والعصبية وهو بإقامة مولاه راض اجتمعت على حبه العامة فكلامه عندهم لا يتوقف فيه أحد من خاصة ولا عامة واشتهر أن دعوته مستجابة ومن ذلك أنه أرسل إلى بعض العرب وقد أخذوا الزيت الذي كان محملاً على بعير وحمارة للشيخ محمد يقول له البعير بالأمير والزيت بصاحب البيت والحمارة بغاره فما أصبح الصباح حتى وقع ما وقع بعين ما قال وخلت الديار من الفجار ومن ذلك إنه دعا على رجل بالشنق فشنق نفسه بنفسه بأن وضع مخدات تحت قدميه ثم وضع الحبل في عنقه وأزاح المخدات إلى جهة الحلو فكان حتف أنفه ومن ذلك إنه دعا على النعامرة حين آذوه في طريق السيد الخليل عليه الصلاة والسلام بالنار ورجم الأحجار فما زال بهم رمي الأحجار وحرق النار في بيوتهم بالليل والنهار حتى أتوه واستعفوه فعفا عنهم وختم كتاب البخاري مراراً في حضرة سيدنا الكليم موسى ابن عمران عليه الصلاة والسلام وأمده ذلك النبي بمدده الموسوي الفائض الهتان وحين ختمه أنشد فقال