(٢) قوله: وبهذا نأخذ أدنى المهر ... إلى آخره، لعله حمل النواة على هذا المقدار، وقد ورد بالتقدير بهذا المقدار آثار أُخَر أكثرها مما تُكُلِّم فيها، فأخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن داود الأزدي عن الشَّعبي عن علي قال: لا تُقطع الأيدي في أقل من عشرة دراهم ولا يكون المهر أقل من عشرة دراهم، قال ابن الجوزي في "التحقيق": قال ابن حبان: داود ضعيف والشعبي لم يسمع علياً. وأخرجه الدارقطني أيضاً عن جويبر - وهو ضعيف - عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي، ومن طريق آخر عن الضحاك بسند فيه محمد بن مروان أبو جعفر لا يكاد يعرف. وأخرج الدارقطني والبيهقي عن مبشر بن عبيد، عن الحجاج بن أرطأة، عن عطاء عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً: لا تنكحوا النساء إلاَّ الأَكْفاء ولا يزوِّجهن إلاَّ الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم، قال الدارقطني: ابن عبيد متروك الحديث، وأسند البيهقي عن أحمد أنه قال: أحاديث مبشر موضوعة، ورواه أبو يعلى المَوْصلي في مسنده عن ميسرة عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي يعلى رواه ابن حبان في "كتاب الضعفاء"، كذا ذكره الزيلعي في "تخريج أحاديث الهداية"، والكلام في هذا الحديث نقضاً وإبراماً كثير، والإِنصاف أن هذا الحديث بعد ثبوته لا يدل على التقدير بحيث لا يصح دونه، وفي الأحاديث كثرة دالة على إطلاق المهر، وعدم التقدير بالعشرة وظواهر الآيات تؤيِّده، وقد أجاب عنها أصحابنا بحملها على المعجَّل (يحتمل أن يكون معجلاً في المهر لا أصل المهر على ما جرت العادة بتعجيل شيء من المهر قبل الدخول. ويحتمل أن يكون ذلك كله في حال جواز النكاح بغير مهر على ما قيل: إن النكاح كان جائزاً بغير مهر إلى أن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشِّغار. بذل المجهود ١٠/١٣١) ، فافهم ولا تعجل بالقبول فإنه يَرِدُ عليهم نسخ إطلاق الكتاب وتقييده بأخبار الآحاد، وهو خلاف أصولهم.