مؤلِّف "مرآة الجنان" ذكر مناقبه فيه، والحافظ ابن حجر العسقلاني ذكره في "التقريب" وغيره، وأثنى عليه، والنووي شارح صحيح مسلم أثنى عليه في "تهذيب الأسماء واللغات"، والإِمام الغزالي أثنى عليه في "إحياء العلوم"، وغيرهم، وإن كان مالكياً نوقفه على مناقبه التي ذكرها علماء مشربه كالحافظ ابن عبد البر وغيره، وإن كان حنبلياً نطلعه على تصريحات أصحاب مذهبه كيوسف بن عبد الهادي الحنبلي مؤلف "تنوير الصحيفة في مناقب أبي حنيفة"، وإن كان من المجتهدين المرتفع عن درجة المقلّدين نسمعه ما جرى على لسان المجتهدين والمحدثين من ذِكْر مفاخره وسرد مآثره، وإن كان عامياً لا مذهب له، فهو من الأنعام، بل هو أضل نقوم عليه بالنكير، ونجعله مستحقاً للتعزيز. وكفاك من مفاخره التي امتاز بها بين الأئمة المشهورين كونه من التابعين، وهو وإن كان مختلَفاً فيه كما قال ابن نجيم المصري في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" في بحث عدم قبول شهادة من يُظهر سب السلف: السب، الشتم، والسلف كما في "النهاية": الصحابة والتابعون وأبو حنيفة. انتهى. وزاد في "فتح القدير"، وكذا العلماء، والفرق بين السلف والخلف، أن السلف الصالح الصدر الأول من الصحابة والتابعين، والخلف: بفتح اللام، مَنْ بعدهم في الخير، وبالسكون في الشر. كذا في "مختصر النهاية" وعَطْفُ أبي حنيفة على التابعين إما عطف خاص على عام بناءً على أنه منهم كما في "مناقب الكردري"، وصرح به في "العناية"، أو ليس منهم بناء على ما صرح به شيخ الإِسلام ابن حجر، فإنه جعله من الطبقة السادسة ممن عاصر صغار التابعين، ولكن لم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، ذكره في "تقريب التهذيب". انتهى كلام البحر، لكن الصحيح المرجَّح هو كونه من التابعين، فإنه رأى أنساً رضي الله عنه بناءً على أن مجرَّد رؤية الصحابة كافٍ للتابعية كما حققه الحافظ ابن حجر في غير "التقريب" والذهبي والسيوطي وابن حجر المكي وابن الجوزي والدارقطني وابن سعد والخطيب والولي العراقي وعلي القاري وأكرم السندي وأبو معشر وحمزة السهمي واليافعي والجزري والتوربشتي والسراج وغيرهم من المحدثين والمؤرخين المعتبرين، ومن أنكره فهو محجوج عليه بأقوالهم، وقد ذكرت تصريحاتهم وعباراتهم في رسالتي "إقامة الحجة على أن الإِكثار في التعبد ليس