وموطأ محمد مشتمل عليه وعلى غيره، فبهذا السبب موطأ يحيى صار مرجحاً على موطأ محمد.
قلت: هذا يقتضي ترجيح موطأ محمد كما مرَّ معنا ذكره، وإنما يصلح هذا سبباً لتبادر موطأ يحيى عند الإطلاق بالموطأ بالنسبة إلى موطأ محمد لا لترجيحه عليه.
فإن قلت: يحيى الأندلسي ثقة، فاضل، ومحمد ليس كذلك.
قلت: إن أريد به أنه لم يطعن على يحيى بشيء، فهو غير صحيح، لما قال الزرقاني في ترجمته: فقيه، ثقة، قليل الحديث، وله أوهام، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. انتهى. وإن أريد به أن الطعن عليه لا يقدح في وثاقته، فكذلك محمد لا يوجب طعن من طعن عليه تركه، والجواب عن الطعن عليه كالجواب عن الطعن على شيخه، على أنه مر عن "الميزان"، أنه كان من بحور العلم والفقه، قوياً في مالك: فإن ثبت ضعفه عن غير مالك فلا يضر فيما هنالك.
فإن قلت: كثير من شيوخ الأسانيد التي أوردها محمد ضعفاء (في الأصل: "ضعيفة"، وهو تحريف) .
قلت: أما الأسانيد التي أوردها من طريق مالك فشيوخها هم المذكورون في موطأ يحيى وغيره، فلا يضر الكلام فيهم، وأما التي أوردها من طريق غيره، فليس أن جميع رجالها ضعفاء، بل أكثرهم ثقات أقوياء، وكون بعضهم من الضعفاء لا يقدح في المرام، فإن هذا ليس أول قارورة كسرت في الإسلام، ومن ادّعى أن كلَّهم ضعفاء فليأت بالشهداء.
فإن قلت: جماعة من المتحدثين لا يعدّون موطأ محمد في عداد الموطآت، ولا يعتمدون عليه كاعتمادهم على سائر الموطآت.
قلت: إن كان ذلك لوجه وجيه، فعلى الرأس والعين، وإلاَّ فإيراد هذا الكلام خارج عن البين، وهناك جماعة من المحدثين قد عدُّوه في عداد الموطآت ونقدوا روايته كسائر الروايات.