ذلك العامي على (في الأصل:"إلى"، والصواب:"على") الطعن عليهم، أو عليها، بخلاف موطّأ محمد، فإنه مشتمل على ذكر الأحاديث التي عملوا بها بعد ذكر ما لم يعملوا به (في الأصل:"بعد ما ذكر ما لم يعملوا بها"، وهو خطأ) ، كما لا يخفي على من طالع بحث رفع اليدين، والقراءة خلف الإمام، وغيرها. وهذا نافع للعامي وللخاص، أما العامي فيصير محفوظاً عن سوء الظنون، وأما الخاص فيبرز بتنقيد أحاديث الطرفين الترجيح المكنون، وستطّلع في كتابي هذا إن شاء الله تعالى على ذكر الترجيح في مواضعه فيما بين المذاهب المختلفة، من دون الحميّة حميّة الجاهلية.
فإن قلت: إن موطّأ يحيى هو المتبادر (في الأصل: "هي المتبادرة"، وهو خطأ) من الموطّأ عند الإطلاق، وهذا آية ترجيحه على سائر الموطآت بخلاف موطّأ محمد، فإنه لا يتبادر منه عند الإطلاق.
قلت: يلزم منه ترجيح موطّأ يحيى على موطأ القعنبي والتنيسي أيضاً، وهما أثبت الناس في الموطأ عند ابن معين وابن المديني والنسائي، وموطأ معن بن عيسى أيضاً وهو أثبت الناس في الموطأ عند أبي حاتم كما مر ذكره في الفائدة السادسة، وليس كذلك.
فإن قلت موطأ يحيى هو المشهور (في الأصل:"هي المشهورة"، وهو خطأ) في الآفاق، وموطأ محمد ليس كذلك.
قلت: هذا لا يستلزم الترجيح في الشيء، فإن وجه شهرته على ما ذكره الزرقاني في شرحه أن يحيى لما رجع إلى الأندلس انتهت إليه رئاسة الفقه بها، وانتشر به المذهب وتفقّه به من لا يحصى وعرض عليه القضاء فامتنع، فعلت رتبته على القضاة، وقبل قوله عند السلطان، فلا يُولِّي أحداً قاضياً في أقطاره إلا بمشورته واختياره، ولا يشير إلاَّ بأصحابه، فأكب الناس عليه لبلوغ أغراضهم، وهذا سبب اشتهار الموطّأ بالمغرب من روايته دون غيره. انتهى.
فإن قلت: موطّأ مالك برواية يحيى مشتمل على الأحاديث التي من طريقه،