للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا كَرِهَ الاسْمَ، وَقَالَ (١) : مَنْ وُلد لَهُ ولدٌ فأَحَبُّ (٢)


ء عن العقوق، وهو مستعمل في العصيان وترك الإِحسان ومنه عقوق الوالدين. وهذا كما كره النبي صلى الله عليه وسلم تسمية العشاء بالعتمة وتسمية المدينة النبوية بيثرب، وحينئذ فلا يمكن أن يَستَدل به أحد على نفي مشروعية النسيكة للمولود أو على نفي استحبابها. أو على أنها كانت من عمل الجاهلية ثم نسخ كيف وهناك أخبار كثيرة قد مرّ نُبَذ منها تدل على مشروعيتها والترغيب إليها.
(١) أي النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) قوله: فأحب أن ينسك، استدل به جماعة من أصحابنا الحنفية منهم صاحب "البدائع" وغيره على أن العقيقة ليست بسنة لأنه علق العقّ بالمشيئة، وهذا أمارة الإِباحة وردّه علي القاري بقوله: لا يخفى أن المشيئة تنفي الفرضية دون السنية. انتهى. وأقول: هذا الحديث نظير حديث "من أراد منكم أن يضحِّي فلا يأخذن من أظفاره وشعره شيئاً حتى يضحِّي"، أخرجه الجماعة إلا البخاري، وقد استدل به الشافعية على عدم وجوب الأضحية بأنه علق الأضحية على الإِرادة والمشيئة ولو كان واجباً لما فعل كذلك، وأجاب عنه أصحابنا منهم صاحب "الهداية" و"البناية" وغيرهما بأنه ليس المراد به التخيير بين الترك والفعل، بل القصد فكأنه قال: من قصد منكم أن يضحي، وهذا لا يدل على نفي الوجوب كما في قوله: من أراد الصلاة فليتوضأ، وقوله: من أراد الجمعة فليغتسل، ولم يرد هناك التخيير، فكذا هذا. إذا عرفت هذا فلقائل أن يقول مثل ذلك في هذا الحديث بأنه ليس المراد بقوله من أحب أو من شاء كما في بعض الكتب التخيير والتعليق على المشيئة، بل المراد به القصد، وحينئد فلا يكون له دلالة على نفي الوجوب أيضاً فضلاً عن نفي السنية أو الاستحباب، وأيضاً لقائل أن يقول: ليس المراد بالحبّ الحبّ الطبعي والمشيئة التخييرية، بل المراد به الحب الشرعي، فالمعنى من وُلد له ولد فأحبّ أن ينسك عن ولده اتّباعاً للشريعة فليفعل، وحينئذ لا دلالة له على نفي السنية، على أنه لو سلّمنا أنه دالّ على نفي السنية فليس له دلالة على نفي

<<  <  ج: ص:  >  >>