رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (١) : لا قَطْعَ فِي ثمرٍ وَلا كَثَرٍ.
(١) قوله: يقول لا قطع ... إلخ، هذا الحديث أخرجه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان من طرق عن مالك وغيره عن يحيى بن سعيد، قال ابن العربي: فإنْ كان فيه كلام فلا يُلتفت إليه. وقال الطحاوي: تلقت الأئمة متنه بالقبول. وقال أبو عمر (في الأصل: أبو عمرو، وهو تحريف) بن عبد البَرّ: هذا حديث منقطع، لأن محمداً لم يسمعه من رافع، وتابع مالكاً عليه سفيانُ الثوري والحمّادن وأبو عَوَانة ويزيد بن هارون وغيرهم. ورواه سفيان بن عيينة، عن يحيى بن محمد، عن عمّه واسع، عن رافع. وكذا رواه حماد بن دليل المدائني، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد به، فإن صح هذا فهو متصل مسند صحيح، لكن قد خُولف ابن عيينة في ذلك، ولم يُتابَع عليه إلاَّ ما رواه حماد بن دليل، فقيل: عن محمد، عن رجل من قومه، وقيل: عنه، عن عمة له، وقيل: عنه، عن أبي ميمونة، عن رافع، وخولف عن حماد أيضاً، فرواه غيره عن شعبة، عن يحيى، عن محمد، عن رافع، والظاهر أنَّ مثل هذا الاختلاف غير قادح في ثبوت أصل الحديث، وله شاهد عند أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو، وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة، وإسنادُ كلِّ منهما صحيح، كذا في "شرح الزرقاني"، وذكر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" أنّ قوماً منهم أبو حنيفة ذهبوا إلى أن لا يُقطع في شيء من الثمر والكثر والفواكه الرطبة مطلقاً سواء أُخذ من حائط صاحبه أو منزله بعد ما قطعه وأحرزه فيه، وقالوا أيضاً: لا قطع في جريد النخل ولا في خشبه، لأن رافعاً لم يسأل عن قيمة الوديّ وعما كان فيه من الجريد والخشب، وخالفهم في ذلك آخرون منهم أبو يوسف، فقالوا: هذا الذي حكاه رافع محمول على الثمر والكثر المأخوذَيْن من الحوائط التي ليست بحرز، فأما ما كان من ذلك مما قد أُحرز فحكمه حكم سائر الأموال، يجب القطع على من سرق منه قدر المقدر الذي يجب فيه القطع واحتجوا في ذلك بحديث: فإذا آواه المُراح أو الجرين، وأجاب عنه صاحب " الهداية " من قِبَل أبي حنيفة أن