(١) قوله: فَدَك، بفتح الفاء المهملة وكاف، بلدة بينها وبين المدينة يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة، قاله الزرقاني. وبهذا وبما مرّ في حديث العسيف: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم غرّبه عاماً، وبما سيأتي عن عمر: أنه جلد الزاني وغرّب: استند جمع من العلماء، فقالوا بالجمع بين الجلد والنفي في غير المحصن: وأن النفي جزء من حدّه، وحدّه مجموعهما (انظر الأوجز ١٣/٢٢٢) ، وبه قال الشافعي وأحمد والثوري والأوزعي والحسن بن صالح وابن المبارك وإسحاق، وهذا في الحرّ وفي العبد ثلاثة أقوال للشافعي: في قول يغرب ستة أشهر وفي قول سنة، وفي قول لا يغرّب أصلاً، بل يُجلد خمسين، وقال مالك: يُجمع بينهما في الرجل دون المرأة والعبد، كذا ذكر العيني. ويوافقهم ما أخرجه مسلم من حديث عبادة مرفوعاً: البكر بالبكر مائة جلدة وتغريب عام. وللبخاري من حديث زيد بن خالد: أن النيّ عليه السلام أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام. وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرّب، وأن عمر ضرب وغرب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب. وعند ابن أبي شيبة عن مولى عثمان أن عثمان (قال في التلخيص الحبير ٤/٦١: رواه ابن أبي شيبة بإسناد فيه مجهول) جلد امرأة في زناء، ثم أرسل بها إلى مولى يقال له المهديّ إلى خيبر نفاها إليه. وفي الباب أخبار أُخر أيضاً مبسوطة في "تخريج أحاديث الهداية" و" التلخيص الحبير" وغيرهما. ومذهب الحنفية في ذلك أن النفي أمراً ليس بداخل في الحدّ، بل هو سياسة مفوَّضة إلى رأي الإِمام، إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، ولهم في الجواب عن هذه الأخبار مسالك: الأول: القول بالنسخ ذكره صاحب "الهداية" وغيره، وهو أمر لا سبيل إلى إثباته بعد ثبوت عمل الخلفاء به مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال. والثاني: أنها محمولة على التعزير بدليل ما روى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزّهري، عن ابن المسيّب: أنّ عمر غرَّب ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصّر، فقال عمر: