للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بَكْرٍ. قَالَ سَعِيدٌ: فَلْم تقَرّ بِهِ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ (١) : الآخِرُ قَدْ زَنَى، قَالَ سَعِيدٌ (٢) : فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فقَالَ (٣) لَهُ (٤) ذَلِكَ مِرَارًا، كلُّ ذَلِكَ يُعرض عَنْهُ حَتَّى إذَا أَكْثَرَ (٥) عَلَيه، بَعَث إلى أهله،


(١) لشدة خوفه من ربه.
(٢) ابن المسيّب.
(٣) أي ذلك الصحابي.
(٤) أي للنبي عليه السلام.
(٥) قوله: إذا أكثر عليه، أي المرة الرابعة، فعند الطحاوي من طريق الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ ماعزاً أربع مرات. وفي رواية أخرى عنده عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز: أحقٌّ ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ (في الأصل: "وما بلغني؟ "، وهو خطأ. انظر شرح معاني الآثار ٢٠/٨٢) قال: بلغني أنك أتيتَ جاريةَ آل فلان، فأقر على نفسه أربع شهادات، فأمر به فرُجم. وفي رواية له عن جابر: أنّ رجلاً من أسلم أتى رسول الله وهو في المسجد فناداه فحدّثه أنه قد زنى، فأعرض عنه رسول الله فتنحّى بشقه الذي أعرض قبله، فأخبره أنه زنى وشهد على نفسه أربع مرات فدعاه رسول الله فقال: هل بك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أُحصنت؟ قال: نعم. فأمر به، فرُجم بالمصلّى، فلما أذلقته الحجارة فرّ حتى أُدرك بالحرَّة فقُتل بها رجماً. وعنده من حديث بُريدة نحوه، وفي آخره قال بريدة: كنا أصحابَ رسول الله نتحدّث أنّ ماعزاً لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه، وإنما رجمه عند الرابعة. قال الطحاوي: فثبت بذلك كلِّه أنّ الإِقرار بالزناء الذي يوجب الحدّ أربع مرات، فمن أقرّ كذلك حُدّ ومن أقرّ أقل من ذلك لم يُحَدّ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقد عمل بذلك عليٌّ في شراحة الهَمْدانية حيث ردّها أربع مرات، وأجاب الطحاوي، عن حديث العَسيف وقوله صلى الله عليه وسلم فيه لأنيس: اغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها حيث لم يذكر فيه أربع مرات بأنه يجوز أن يكون أنيس قد علم الاعتراف الذي يوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>