"المغرب". وفي رواية أخرى لمالك المذكورة في "موطأ يحيى" عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسّان حضرته الوفاة بالمدينة ووارثه بالشام، فذُكر ذلك لعمر، فقيل له: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوصِ، قال يحيى: قال أبو بكر: وكان الغلامُ ابنَ عشر سنين أو اثنتي عشرة سنة، فأوصى ببئر جُشم (هي بئر بالمدينة) فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم، وقال الزرقاني في "شرحه": فيه صحة وصية الصبي المميِّز، وبه قال مالك، وقيده بما إذا عقل ولم يخلط وأحمد وقيده بابن سبع وعنه بعشر، والشافعي في قول رجَّحه جماعة ومال إليه السبكي، ومنعها الحنفية والشافعي في الأظهر عنه، وذكر البيهقي عنه أنه علق القول به على صحة أثر عمر، وهو صحيح فإن رجاله ثقات وله شاهد. انتهى. وذكر العيني في "البناية" أن وصية الصبي جائزة عند الشافعي في قول ومالك وأحمد والشعبي والنَّخَعي وعمر بن عبد العزيز وشُريح وعطاء والزهري وإياس، وغير جائزة عندنا وعند الشافعي في قول وأصحاب الظواهر، وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد، وأجاب أصحابنا عن أثر عمر بوجوه: أحدها: ما ذكره في "الهداية" أن الغلام الذي أمره عمر بالوصية كان بالغاً وسمي يافعاً مجازاً تسميةً للشيء باسم ما كان عليه لقربه منه. وثانيهما: ما ذكره أيضاً أن وصية يفاع كانت في تجهيزه وأَمْر دفنه وذلك جائز عندنا. وردَّهما الإِتقاني في "غاية البيان" بأنَّ الراوي صرح بأنه أوصى لابنة عمٍّ له بمال، فكيف يحتمل أن يكون الإِيصاء في أمر التجهيز والدفن؟ وصح في الرواية أنه كان غلاماً لم يحتلم، ثم ذكر الإِتقاني في الجواب ما ملخَّصه: أن من أدرك عصر الصحابة كسعيد بن المسيّب والحسن والشعبي والنَّخَعي الذين يعتدّ بخلافهم في إجماع الصحابة رَوى عنهم أصحابنا أنهم قالوا: لا وصية لمراهق، فبقي رأي الصحابي. وهو ليس بحجة عند الخصم، فكيف يُحتج به على غيره والقياس يؤيِّده ما ذهبنا، فإن الوصية تبرع والصبي ليس من أهله. وذكر