قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (١) نَأْخُذُ. لا خَيْرَ فِي أن يشتري الرجل
(١) قوله: وبهذا نأخذ، وبه قال أحمد والشافعي ومالك وغيرهم، قالوا: لا يجوز بيع التمر بالرطب لا متفاضلاً ولا متماثلاً يداً بيد كان أو نسيئة، وأما التمر بالتمر والرطب بالرطب فيجوز ذلك متماثلاً لا متفاضلاً يداً بيد لا نسيئة، وفيه خلاف أبي حنيفة حيث جوّز بيع التمر بالرطب متماثلاً إذا كان يداً بيد لأن الرطب تمر، وبيع التمر بالتمر جائز متماثلاً من غير اعتبار الجودة والرداءة، وقد حُكي عنه أنه لما دخل بغداد سألوه عن هذا، وكانوا أشداء عليه بمخالفته الخبر، فقال: الرطب إما أن يكون تمراً أو لم يكن تمراً، فإن كان تمراً جاز، لقوله صلى الله عليه وسلم: التمر بالتمر مثلاً بمثل، وإن لم يكن تمراً جاز، لحديث: إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم. فأوردوا عليه الحديث، فقال: مداره على زيد بن عياش وهو مجهول، أو قال: ممن لا يقبل حديثه، واستحسن أهل الحديث هذا الطعن منه حتى قال ابن المبارك: كيف يُقال إن أبا حنيفة لا يعرف الحديث، وهو يقول: زيد ممن لا يُقبل حديثه، قال ابن الهمام في "الفتح" (فتح القدير ٦/١٦٨ - ١٦٩) : رُدّ ترديده، بأنّ ههنا قسماً ثالثاً، وهو أنه من جنس التمر ولا يجوز بيعه بالآخر كالحنطة المقلية بغير المقلية لعدم تسوية الكيل بهما فكذا الرطب والتمر لا يسوّيهما الكيل، وإنما يسوّي في حال اعتدال البدلين، وهو أن يجفّ الآخر، وأبو حنيفة يمنعه، ويعتبر التساوي حال العقد، وعُروض النقصِ بعد ذلك لا يمنع من المساواة في الحال إذا كان موجبه أمراً خلقياً، وهو زيادة الرطوبة