للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَفِيز (١) رُطَبٍ بقفيزٍ مِنْ تمرٍ، يَدًا بِيَدٍ (٢) ، لأَنَّ الرُّطَب يَنْقُصُ إِذَا جَفَّ فَيَصِيرُ أَقَلَّ (٣) من قفيز، فلذلك فسد البيع فيه.


بخلاف المقلية بغيرها، فإنه في الحال يُحكم بعدم التساوي لاكتناز أحدهما، وتخلخل الآخر. ورُدَّ طعنه في زيد بأنه ثقة كما مرّ، وقد يُجاب أيضاً بأنه على تقدير صحة السند، فالمراد النهي نسيئة، فإنه ثبت في حديث أبي عياش هذا زيادة "نسيئة" أخرجه أبو داود عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد أنّ أبا عيّاش أخبره أنه سمع سعداً يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة، وأخرجه الحاكم والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، ورواه الدارقطني، وقال: اجتماع هؤلاء الأربعة أي مالكٍ وإسماعيل بن أمية والضحاك ابن عثمان وآخر على خلاف ما رواه يحيى بن أبي كثير يدل على ضبطهم للحديث وأنت تعلم أن بعد صحة هذه الرواية يجب قبولها، لأن المذهب المختار عند المحدثين هو قبول الزيادة وإن لم يروِها الأكثر إلا في زيادة تفرد بها بعض الحاضرين في المجلس، فإن مثله مردود كما كتبناه في "تحرير الأصول" وما نحن فيه لم يثبت أنه زيادة في مجلس واحد، لكن يبقى قوله في تلك الرواية الصحيحة: أينقص الرطب إذا جفّ، عرياً عن الفائدة إذا كان النهي عنه للنسيئة. انتهى كلام ابن الهمام. وهذا غاية التوجيه في المقام مع ما فيه الإِشارة إلى ما فيه وللطحاوي كلام في "شرح معاني الآثار" (٢/١٩٩ وبسط شيخنا على هذا الحديث في الأوجز ١١/٣٧ فارجع إليه) مبنيّ على ترجيح رواية النسيئة وهو خلاف جمهور المحدثين وخلاف سياق الرواية أيضاً، ولعل الحق لا يتجاوز عن قولهما وقول الجمهور.
(١) القفيز مكيال يسع اثني عشر صاعاً، كذا في "المنتخب".
(٢) أي وإن كان قبضاً بقبض وإن كان أحدهما نسيئة، فظاهر عدم جوازه لحرمة النسأ في الأموال الربوية.
(٣) أي فيدخل فيه الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>