(١) قوله: وتفسيره عندنا، لما ورد على قوله: وبهذا نأخذ، أن الحديث بظاهره يثبت خيار المجلس، والحنفية ليسوا بقائلين به، فكيف يصح قوله وبهذا نأخذ؟ أشار إلى الجواب عنه بتفسير الحديث بالتفرُّق القولي، وقد طال الكلام بين أصحاب التفرُّق القولي ومثبتي خيار المجلس نقضاً ودفعاً. أما أصحاب خيار المجلس فأوردوا على أصحاب التفرق القولي بوجوه: - الأول: أنه تفسير مخالف للمتبادر، والجواب عنه على ما في "شرح معاني الآثار" و "فتح القدير" وغيرهما أن التفرق كثيراً ما استُعمل في الكتاب والسنَّة في التفرُّق القولي، كما في قوله تعالى: (وما تفرَّق الذين أوتوا الكتاب إلاَّ من بعد ما جاءتهم البينة) (سورة البينة: الآية ٤) ، وقوله تعالى: (وإنْ يتفرَّقا يُغْن اللَّهُ كلاًّ من سَعَته) (سورة النساء: الآية ١٣٠) . والمراد به تفرق قول الزوجين في الطلاق بأن يقول الزوج طلقتك، والمرأة قبلت، وقوله صلى الله عليه وسلم: افترقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. - والثاني: أن الخبر ورد بلفظ المتبايعين والبيِّعين، وهذا اللفظ لا يُطلق إلاَّ بعد حصول التفرُّق القولي وتمام العقد، فلا يكون الخيار إلاَّ بعده وإن هو إلاَّ خيار المجلس، فلا بد أن يُحمل التفرق على التفرق البدني، والجواب عنه على ما في "الهداية" وشروحها أن هذا إغفال منهم عن مقتضى اللغة، فإن المتساومين أيضاً قد يسمَّيان متابعين لمناسبة القرب وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يبيع الرجل على بيع أخيه، فقد سمى قرب البيع بيعاً، فيمكن أن يكون سمى غير (في الأصل الغير وهو خطأ) المتفرقين قولاً في هذا الحديث بالمتبايعين لقربهما منه، وأيضاً المتبايع بالحقيقة إنما يكون من يباشر العقد، لا قبله ولا بعده، فإن كلاًّ منهما