وأما أصحاب التفرق القولي، فأوردوا لتأييد تفسيرهم وإبطال ما ذهب إليه مخالفهم وجوهاً عديدة: منها أن إثبات خيار المجلس وحمل التفرُّق على التفرق البدني يخالف قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أَوْفوا بالعقود) (سورة المائدة: الآية ١) ، وهذا عقد قبل التخيير. وقوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاَّ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم) (سورة النساء: الآية ٢٩) . وبعد الإِيجاب والقبول يصدق (تجارةً عن تراضٍ) من غير توقُّف على التخيير، فقد أباح الله الأكل قبله، وقوله تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتُم) (سورة البقرة: الآية ٢٨٢) فإنه أمر بالتوثُّق بالشهادة كيلا يقع التجاحد للبيع، والبيع يصدق قبل الخيار بعد الإِيجاب والقبول، فلو ثبت الخيار وعدم اللزوم بعده للزم إبطال هذه النصوص، وفيه ما ذكره ابن الهمام في "فتح القدير" من أنّا نمنع تمام العقد قبل الافتراق، والتخيير، ونقول: العقد الملزم إنما يُعرف شرعاً، وقد اعتبر الشرع في كونه ملزماً اختيار الرضى بعد الإِيجاب والقبول بالأحاديث الصحيحة، وكذا لا يتمُّ التجارة عن التراضي إلاَّ به شرعاً، فإنما أباح الأكل بعد الاختيار، والبيع وإنْ صَدَق بعد الإِيجاب والقبول لكن التام منه متوقِّف على الافتراق أو الاختيار. ومنها أن إثبات خيار المجلس يعارضه حديث النهي عن البيع الغَرَر، فإنَّ كل واحد لا يدري ما يحصل له هل الثمن أم المثمّن. ومنها أنه خيار مجهول العاقبة فيبطل خيار الشرط إذا كان كذلك. وفيهما ما فيهما، فإنه منقوص بخيار الرؤية وخيار التعيين وغير ذلك، ومنها ما ذكره الطحاويّ أن حديث: من ابتاع