للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، قَالَ: مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَنْطِقِ (١) الْبَيْعِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بعتُك فَلَهُ (٢) أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يقل (٣) الآخرُ: قد اشتريت، فإذا قال


طعاما فلا يبيعه حتى يقبضه، يدل على أنه إذا قبضه حلَّ له بيعه، وقد يكون قابضاً له قبل افتراق بدنه وبدن بائعه، وأقرَّه السيد المرتضى في "عقود الجواهر". وعندي هو ضعيف، فإن هذا الحديث وأمثاله ساكتة عن ما وقع فيه البحث، فيُقَيَّد بالقبض والافتراق مع أنه لا يدل إلاَّ على حرمة البيع قبل الاستيفاء، لا على ثبوت جوازه بعده متصلاً وإن منعت عنه الموانع الأُخَر. وفي المقام كلام مبسوط، مظانُّه الكتب المبسوطة، وفيما ذكرناه كفاية لأُلي الفطنة. وقد شيَّد الطحاوي أركان المسألة بالنظر والقياس وقال: إنّا قد رأينا الأموال تملك بعقود في أبدان وفي أموال ومنافع وأبضاع، فكان ما يُملك من الأبضاع هو النكاح، فكان ذلك يتم بالعقد لا بفُرقة بعده، وكان ما يملك به المنافع هو الإِجارات، فكان ذلك أيضاً مملوكاً بالعقد، لا بالفرقة بعد العقد، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الأموال المملوكة بسائر العقود من البيوع وغيرها تكون مملوكة بالأقوال لا بالفرقة، وهذا هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انتهى. وفيه أيضاً ما فيه، فإن كثيراً من الأحكام كخيار الرؤية وخيار التعيين وخيار العيوب ثابتة في البيع دون أمثاله، فللخصم أن يقول ليكن خيار المجلس من هذا القبيل.
(١) أي عن نطق ما يتعلق به من إيجاب وقبول وشرط.
(٢) أي للبائع.
(٣) قوله: ما لم يقل الآخر قد اشتريت، قال في "الهداية" إذا أوجب أحد المتعاقِدَيْن البيع فالآخر بالخيار إن شاء قَبِل في المجلس وإن شاء ردَّه. وهذا خيار القبول، لأنه لو لم يثبت له الخيار يلزمه حكم العقد من غير رضاه وإذا لم يفد الحكم بدون قبول الآخر فللموجب أن يرجع لخلوه عن إبطال حق الغير وإنما يمتدّ إلى آخر المجلس، لأن المجلس جامع للمتفرقات، فاعتبرت ساعاته ساعةً واحدة دفعاً للعُسْر وتحقيقاً لليُسْر.

<<  <  ج: ص:  >  >>