للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكُلّ (١) تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّ الصَّاعَ (٢) مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ (٣) ، وَالصَّاعَيْنِ (٤) بِالثَّلاثَةِ (٥) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلا تَفْعَلْ، بِعْ تَمْرَكَ (٦) بالدراهم، ثم اشترِ بالدراهم جَنيِباً،


في هذا الحديث: أنه أُهدي إلى رسول الله رُطَباً، فقال: أوكُلُّ تمر خيبر هكذا؟ وبنَوْا عليه ما ذهب إليه أبو حنيفة من جواز بيع الرطب بالتمر مثلاً بمثل من غير اعتبار نقصان الرطب عند الجفاف لأنه صلى الله عليه وسلم سماه تمراً، والتمر يجوز بيعه بمثله، ولا وجود لما ذكروه في شيء من الطرق كما حقّقه الزيلعي والعيني.
(١) بهمزة الاستفهام، أي هل كل تمره جنيب كما أتيت به عندي؟.
(٢) أي نأخذ الصاع من الجنيب.
(٣) أي من الجمع.
(٤) من الجنيب.
(٥) من الجمع.
(٦) قوله: بِع تمرك إلخ، أشار إليه بما يجتنب به عن الربا مع حصول المقصود، وبه احتج جماعة من فقهائنا وغيرهم، على جواز الحيلة في الربا، وبنَوْا عليها فروعاً، والحق أن العبرة في أمثال هذا على النية فإنما لكل امرئ ما نوى، ونقل ابن القيم في "إغاثة اللهفان" عن شيخه أنه لا دلالة للحديث على ما ذكروه لوجوه، أحدها: أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يبيع سلعته الأولى، ثم يبتاع بثمنها سلعة، ومعلوم أن ذلك يقتضي البيع الصحيح، ومتى وُجد البَيْعان الصحيحان فلا ريب في جوازه. والثاني: أنه ليس فيه عموم وليس فيه أنه أمره أن يبتاع من المشتري ولا أمره أن يبتاع من غيره، ولا بنقد ولا بغيره، الثالث: أنه إنما يقتضي حصول البيع الثاني بعد انقضاء الأول، وهو بعيد عما راموه. وفي المقام أبحاث طويلة مظانُّها الكتب المبسوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>