للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ (١) رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا يُمْنَع (٢) نَقْعُ بِئْرٍ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. أيُّما رجلٍ كَانَتْ لَهُ بِئْرٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْهَا أَنْ يَسْتَقُوا (٣) مِنْهَا لِشِفَاهِهِمْ وَإِبِلِهِمْ وَغَنَمِهِمْ، وَأَمَّا لِزَرْعِهِمْ (٤) وَنَخْلِهِمْ فَلَهُ (٥) أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.


(١) في نسخة: عن.
(٢) قوله: لا يُمنع، بصيغة المجهول. والنقع، بفتح النون وسكون القاف، قال بعض الرواة عن مالك: أي فضل مائها، يقال ينقع به أي يروي به، قال الباجي: ويروى: رهو (قال أبو الرجال: النقع والرهو هو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل. شرح الزرقاني ٤/٣١، والمنتقى ٦/٣٩) ماء، وهو بمعناه.
(٣) قوله: أن يستقوا، أي أن يستقوا من تلك البئر لشفاههم ودوابِّهم، وهو جمع شَفَة بالفتح وهو شرب بني آدم بشفتهم، وأصله شفهه، ولذا صُغِّر بشُفيه وجُمع بشفاه، يقال هم أهل الشفة أي لهم حق الشرب بشفاههم، قاله العيني.
(٤) أي إن قصدوا أن يستقوا منها لزرعهم وأشجارهم.
(٥) قوله: فله، أي لصاحب الماء أن يمنع من ذلك سواء أضَرَّ به أو لم يُضِرَّ، لأنه حقٌ خاص ولا ضرورة في ذلك، ولو أبيح ذلك لانقطعت منفعة الشرب. وهذا بخلاف مياه البحار والأنهار الكبار والأودية غير (في الأصل: الغير المملوكة، وهو خطأ) المملوكة لأحد، فإن للناس فيها حق الشرب وسقي الدوابّ، والأشجار وغير ذلك، لحديث: "الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار"، أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس، والطبراني من حديث ابن عمر، وغيرهما. وأما إذا كان الماء محرزاً في الأواني، وصار مملوكاً له بالإِحراز ففيه حق المنع. والمسألة بتفاريعها مبسوطة في الهداية وشروحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>