للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْتَقَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لا سائبةَ فِي الإِسلام (١) ، وَلَوِ اسْتَقَامَ (٢) أَنْ يُعتق الرجلُ سَائِبَةً فَلا يَكُونُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَلاؤُهُ (٣) لاسْتَقَامَ لِمَنْ (٤) طَلَبَ مِنْ عائشةَ أَنْ تُعْتِق، وَيَكُونُ الولاءُ لِغَيْرِهَا، فَقَدْ طَلَبَ (٥) ذَلِكَ مِنْهَا، فقال (٦) رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، وَإِذَا اسْتَقَامَ أَنْ لا يَكُونَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَاءٌ اسْتَقَامَ أَنْ يُسْتَثْنَى عَنْهُ (٧) الْوَلاءُ فَيَكُونَ لِغَيْرِهِ، وَاسْتَقَامَ أَنْ يَهَبَ الْوَلاءَ وَيَبِيعَهُ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَهِبَتِهِ. وَالْوَلاءُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ (٨) وَهُوَ لِمَنْ أَعْتَقَ (٩) إِنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً أَوْ غَيْرَهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.

٨٣٨ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أخبرنا نافع، عن ابن عمر


لا يكون الولاء للمعتق بل له، فإنه لا فرق بين ذلك وبين هذا، وقد دلَّت قصة بريرة كما مرَّ ذكرها على أنه لا يجوز ذلك، وبأنه لو صح ذلك لصح انتقال الولاء عن المعتق بيعاً وهبة، وهو باطل بالنصوص الواردة وقد مرَّ ذكرها.
(٣) قوله: سيّب سائبة، لا خلاف في جواز العتق بلفظ أنت سائبة، أو بشرط أن لا ولاء بينهما، ولزومه، وإنما كره جماعة من العلماء العتق بلفظ السائبة لاستعمال الكفار لها في الأنعام المسيّبة للأصنام، واختلفوا في ولائه، فذهب مالك إلى أنه لا يُوالي أحداً وأن ميراثه للمسلمين وعقله إن جَنَى عليهم وهو مذنب جمع من السلف والخلف (وإليه ذهب مالك وجماعة من أصحابه وكثير من السلف، وقال ابن الماجشون وابن نافع والشافعي ولاؤه للمعتق. شرح الزرقاني ٤/١٠٠) ، وذهب جمع من المالكية والشافعي والحنفية إلى أن ولاءه لمعتقه، كذا في "شرح الزرقاني".
(٤) قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، استدلال على أن ولاء السائبة للمعتق لا لغيره، بالحديث المشهور عند أهل الحديث "الولاء لمن أعتق" من غير تخصيص بعبد دون عبد، وبقول ابن مسعود: "لا سائبة في الإِسلام" أي لا حكم لها على ما كان في الجاهلية من سقوط حق المعتق في الولاء، وبأنه لو صح أن يكون ولاء السائبة لغير معتقه لا له لصح أن يشترط شارط على المالك بعتق عبده بشرط أن لا يكون الولاء للمعتق بل له، فإنه لا فرق بين ذلك وبين هذا، وقد دلَّت قصة بريرة كما مرَّ ذكرها على أنه لا يجوز ذلك، وبأنه لو صح ذلك لصح انتقال الولاء عن المعتق بيعاً وهبة، وهو باطل بالنصوص الواردة وقد مرَّ ذكرها.
(١) أي إنما كان عادة أهل الجاهلية.
(٢) أي لو صح.
(٣) أي ولاء المعتق سائبة.
(٤) وهم موالي بريرة.
(٥) بالمجهول والمعروف، أي مولى بريرة.
(٦) ردّاً عليهم وإبطالاً لشرطهم.
(٧) أي المعتق.
(٨) فلا يُباع ولا يوهَب ولا ينتقل.
(٩) أي سواء فيه إعتاقه سائبة أو غير سائبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>