(٢) قوله: أمر أن يُستمتع، أي يُنتفع على أيّ وجه كان، وفي رواية للنسائي وابن حبان، عن عائشة مرفوعاً: دباغ جلود الميتة طهورها، وفي رواية للنسائي: ذكاة الميتة دباغها، وعند الدارقطني والبيهقي عنها: طهور كلِّ أديم دباغه. وفي الباب عن زيد مرفوعاً: دباغ جلود الميتة طهورها، وسلمة بن المحبَّق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في غزوة تبوك على بيت فإذا قِرْبة معلقة فسال الماء فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: دباغها ذكاتها، وبهذه الأحاديث ونظائرها ذهب الجمهور إلى الطهارة بالدباغة مطلقاً إلاَّ أنهم استَثنَوْا من ذلك جلد الإِنسان لكرامته وجلد الخنزير لنجاسة عينه، واستثنى أيضاً جلدَ الكلب مَنْ ذهب إلى كونه نجس العين، وهو قول جمع من الحنيفة وغيرهم، ولم يدل عليه دليل قويّ بعد، ومنهم من ذهب إلى طهارة جلد مأكول للحم بالدبغ دون غيره أخذاً من قصة شاة ميمونة، قال النووي: هو مذهب الأَوْزاعي وابن المبارك وإسحاق بن راهويه. انتهى. والأحاديث المطلقة العامة حجة عليهم، ومنهم من قال: لا يطهر شيء من الجلود بالدباغ، قال النووي: رُوي هذا عن عمر وابنه عبد الله وعائشة وهو أشهر الروايتين عن أحمد، وإحدى الروايتين عن مالك. انتهى. والأحاديث الواردة في الطهارة بالدباغة حجة عليهم، وقال أحمد في القديم: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ، ثم رجع عنه لمّا رأى قوة الأخبار الواردة فيه