للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمْ عمرُو (١) بنُ الْعَاصِ، حَتَّى وَرَدُوا حَوْضًا، فَقَالَ عمرُو بنُ الْعَاصِ: يَا صاحبَ الحوضِ هل تَرِدُ (٢) حوضَكَ السباع (٣) ؟


(١) قوله: فيهم عمرو بن العاص، هو عَمرو - بالفتح - ابن العاص بن وائل السهمي الصحابي، أسلم عام الحديبية، وولي إمرة مصر مرتين، ومات بها سنة نيّف وأربعين، وقيل: بعد الخمسين، كذا ذكره الزرقاني في "شرح المرطأ"، وقال هو في "شرح المواهب اللدنية": العاص بالياء وحذفها، والصحيح الأول عند أهل العربية، وهو قول الجمهور، كما قال النووي وغيره.
وفي "تبصير المنتبه": قال النحاس: سمعتُ الأخفش يقول: سمعت المبرد يقول: هو بالياء لا يجوز حذفها، وقد لهجت العامة بحذفها، قال النحاس: هذا مخالف لجميع النحاة، يعني أنه من الأسماء المنقوصة، فيجوز فيه إثبات الياء وحذفها، والمبرد لم يخالف النحويين في هذا، وإنما زعم أنه سمي العاصي لأنه أعيص بالسيف، أي: أقام السيف مقام العصا، وليس هو من العصيان، كذا حكاه الآمدي هنا، قلت: وهذا إن مشى في العاصي بن وائل، لكنه لا يطرّد لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر اسم العاصي بن الأسود والد عبد الله، فسمَّاه مطيعاً، فهذا يدل على أنه من العصيان، وقال جماعة: لم يسلم من عصاة قريش غيره، فهذا يدل لذلك أيضاً.
(٢) قوله: هل ترد، أي: هل تأتي إليه فتشرب منه سباع البهائم كالذئب، والضبع، والثعلب، ونحوها، فإن سؤرها نجس كسؤر الكلب لاختلاطه بلعاب نجس متولِّد من لحمٍ حرامٍ أكلُهُ، ولعله كان حوضاً صغيراً يتنجَّس بملاقاة النجاسة، وإلاَّ فلو كان كبيراً لما سأل، ومعنى قوله "لا تخبرنا"، أي: ولو كنتَ تعلم أنه ترده السباع، لأنّا نحن لا نعلم ذلك، فالماء طاهر عندنا، فلو استعملناه استعملنا ماءً طاهراً، كذا في "الحديقة النديَّة" لعبد الغني النابلسي شرح "الطريقة المحمدية" للبركلي.
(٣) لأجل الشرب حتى تمتنع منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>