للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عمرُ بْنُ الخطابْ: يَا صاحبَ الْحَوْضِ، لا تُخْبِرْنا (١) ، فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّباع (٢) وتَرِدُ علينا (٣) .


(١) قوله: لا تخبرنا، الأظهر أن يُحمل على إرادة عدم التنجيس وبقاء الماء على طهارته الأصلية، ويدل عليه سؤال الصحابي، وإلاَّ فيكون عبثاً، ثم تعليله بقوله: "فإنّا" إشارة إلى أنَّ هذا الحال من ضرورات السفر، وما كُلِّفنا بالتحقيق، فلو فتحنا هذا الباب على أنفسنا لوقعنا في مشقة عظيمة، كذا في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" لعلي القاري رحمه الله.
(٢) هذا بظاهره يؤيِّد مذهب مالك أن الماء طهور لا ينجسه شيء إلاَّ ما غيَّر لونه أو طعمه أو ريحه.
(٣) قوله: وترد....إلخ، قال ابن الأثير في "جامع الأصول": زاد رزين قال: زاد بعض الرواة في قول عمر: "وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لها ما أخذت في بطونها، وما بقي فهو لنا طهور وشراب. انتهى. ونظيره ما رواه ابن ماجه، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تَرِدُها السباع والكلاب والحمر، وعن الطهارة منها، فقال: "لها ما حملت في بطونها، ولنا ما غبر (معناه: "بقي". انظر مجمع بحار الأنوار ٤/٣) طهور". وروى الدارقطني في سننه، عن جابر، قيل: يا رسول الله، أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: "نعم، وبما أفضلت السباع". وفي سندهما متكلم فيه.
وبهذه الأحاديث ذهب الشافعية والمالكية إلى أن سؤر السباع طاهر لا يضر مخالطته بالماء، وأما أصحابنا الحنفية فقالوا بنجاسته (سؤر السباع طاهر عند مالك، وكذلك عند الشافعي، وسؤر سباع الوحش نجس عند الإمام وهما روايتان عن الحنابلة (أوجز المسالك: ١/٢١١)) ، وحملو أثر عمر على أن غرضه من قوله: "لا تخبرنا" أنك لو أخبرتنا لضاق الحال فلا تخبرنا، فإنا نرد على

<<  <  ج: ص:  >  >>