للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: وإن لم يوضَّأ وَلَمْ يغسِل ذَكَرَهُ حَتَّى يَنَامَ فَلا بَأْسَ (١) بذلك أيضاً.


ليس بوضوء يُنقض بالحدث، وإنما هو للتعبّد، إذ الجنابة أشدّ من مس الذكر، وقال ابن دقيق العيد: جاء الحديث بصيغة الأمر، وجاء بصيغة الشرط، وهو متمسِّك لمن قال بوجوبه، وقال ابن عبد البر: ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه، وهو شذوذ، وقال ابن العربي: قال مالك والشافعي: لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال: لم يقل الشافعي بوجوبه ولا يَعرف ذلك أصحابه، وهو كما قال، لكن كلام ابن العربي محمول على أنه أراد نفي الإباحة المستوية الطرفين، لا إثبات الوجوب، أو أراد وجوب سنة أي متأكد الاستحباب، ونقل الطحاوي عن أبي يوسف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة أنه عليه السلام كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماءً، رواه أبو داود وغيره، وتُعُقِّب بأن الحفاظ قالوا: إن أبا إسحاق غلط فيه، وبأنه لو صح حُمل على أنه تَرَك الوضوء لبيان الجواز لئلا يُعتمد وجوبه، أو أن معنى قولها (في الأصل: "قوله"، وهو تحريف) : "لم يمس ماءً"، أي للغسل، وأورد الطحاوي ما يدل على ذلك، ثم جنح الطحاوي إلى أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي الحديث: كان يتوضأ وهو جنب، ولا يغسل رجليه، كما رواه مالك في الموطأ عن نافع. وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بالصلاة من رواية عائشة فيُعتمد ويحمل ترك ابن عمر غسل رجليه على أنه كان لعذر. وقال جمهور العلماء: المراد بالوضوء ههنا الوضوء الشرعي، كذا في "الفتح".
(١) قوله: فلا بأس بذلك أيضاً، يشير إلى أنه ليس بضروري حتى لو ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>