للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى تأتِيَها أيامُ أَقْرَائِهَا، فَتَدَعُ (١) الصلاةَ، فَإِذَا مضَت اغتسلتْ غُسلاً وَاحِدًا، ثُمَّ توضَّأَتْ لكلِّ وقتِ صلاةٍ وَتُصَلِّي، حَتَّى يدخُلَ الوقتُ الآخَرُ (٢)


ابن عبد البر في "الاستذكار": ممَّنْ أوجب الوضوء لكل صلاة سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والليث والشافعي والأوزاعي. انتهى. وفيه مسامحة حيث سوّى بين مذهبي (في الأصل: "مذاهب"، والظاهر: "مذهبي") أبي حنيفة والشافعي، وليس كذلك كما عرفت. أما الذين قالوا بالوضوء لكل صلاة، فاستدلوا بظاهر قوله صلّى الله عليه وسلّم: توضَّئي لكل صلاة وصلِّي". أخرجه أبو داود في حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وهو معلق في صحيح البخاري ومخرج في سنن ابن ماجه، وصحيح ابن حبان وجامع الترمذي بألفاظ متقاربة، وأخرج أبو يعلى، والبيهقي، عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة. وأما أصحابنا فاستندوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: "المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة" رواه أبو حنيفة. وذكر ابن قُدامة في "المغني" في بعض ألفاظ حديث فاطمة: "وتوضَّئي لوقت كل صلاة"، وروى أبو عبد الله بن بطة بإسناده، عن حمنة بنت جحش أن النبي صّلى الله عليه وسلّم أمرها أن تغتسل لوقت كل صلاة، كذا ذكره العيني، وقالوا: الأول محتمل لاحتمال أن يراد بقوله: "لكل صلاة" وقت كل صلاة، والثاني: محكم فأخذنا به، وقوّاه الطحاوي بأن الحدث إما خروج خارج وإما خروج الوقت، كما في مسح الخفين، ولم نعهد الفراغ من الصلاة حدثاً، فرجحنا هذا الأمر المختلف فيه إلى الأمر المجمع عليه.
(١) أي: تترك.
(٢) قوله: حتى يدخل الوقت الآخر، ظاهره أن الناقض هو دخول الوقت الآخر، فلو توضأت في وقت الصبح ينبغي أن تجوز به الصلاة إلى أن يدخل وقت الظهر، لكن المذكور في كتب أصحابنا المعتمدة أن الناقض هو خروج الوقت فحسب عند أبي حنيفة ومحمد، ودُخوله فحسب عند زفر، وأيهما كان عند أبي يوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>