ورابعها: أن هذا الصحابي مات في أيام معاوية، ووفاة معاوية كانت سنة ستين أو تسع وخمسين على ما في "استعياب ابن عبد البر" وغيره من كتب أخبار الصحابة، فلا بد أن يكون وفاة عمرو بن مرّة قبله، وقد ذكر ابن حبان في "كتاب الثقات"، أن ولادة إبراهيم النخعي سنة خمسين، وكذا ذكره غيره، فعلى هذا يكون النخعي يوم موت معاوية ابن تسع أو عشر سنين، وعند موت عمرو بن مرة الجهني أصغر منه، فهل يتصور أن يحضر عمرو بن مرّة عند هذا الصبي صغير السن بكثير، ويروي عنده الرفع، عن علقمة، عن أبيه، ويرد عليه هذا الصبي؟! وأما الحوالة إلى "أسماء رجال المشكاة" فلا تنفع، فإنه لم يذكر صاحب "المشكاة" أن عمرو بن مرّة أينما ذكره هو هذا، بل إنما هو عمرو بن مرّة المذكور في "المشكاة" وإني أتعجب من العلاّمة القاري كيف يخطئ خطأً كثيراً في تعيين الرواة في شرحه" الموطأ"، وشرحه لمسند الإمام الأعظم وغيرهما، مع جلالته وتوغُّله في فنون الحديث ومتعلقاته، والله يسامح عنا وعنه. (١) قوله: عن أبيه، أي: وائل الحَضرمي، بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء المهملة نسبة إلى حضرموت، بلدة في اليمن، وكان وائل بن حُجر - بضم الحاء المهملة وسكون الجيم - ملكاً عظيماً بها، فلما بلغه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ترك ملكه، ونهض إليه، فبشَّر النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه قبل قدومه بثلاثة أيام، ولما قدم قرَّبه من مجلسه وقال: هذا وائل أتاكم من أرض اليمن - أرض بعيدة - طائعاً، غير مُكرَه، راغباً في الله ورسوله، اللهم بارك في وائل وولده، ثم أقطع له أرضاً، كانت وفاته في إمارة معاوية، حدّث عنه بنوه علقمة وعبد الجبار، كذا في "أنساب السمعاني". وفي "جامع الأصول" لابن الأثير: أبو هنيدة وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل الحضرمي كان قَيلاً من أقيال حضرموت، وأبوه كان من