للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


والثالث: أنه لا يقرأ شيئاً في ما جهر ولا في ما أسرَّ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو قول جابر بن عبد الله وزيد بن ثابت، ورُوي ذلك عن علي وابن مسعود. وبه قال الثوري وابن عيينة وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حَيّ وإبراهيم النخعي وأصحاب ابن مسعود، كذا ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" و"التمهيد".
وأما حجة أصحاب القول الأول، فاستدلوا بقوله تعالى: {وإذَا قُرئ القُرْآنُ فَاستَمِعُوا لهُ وأنْصِتُوا} (سورة الأعراف: رقم الآية ٢٠٤) ، وقالوا: إن نزوله كان في شأن القراءة خلف الإمام (وذكر الزيلعي أخباراً في أنَّ هذه الأية نزلت في القراءة خلف الإمام ١/٤٣٢) ، فقد أخرج ابن مردويه والبيهقيّ، عن ابن عباس، قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ خلفه قوم، فخلطوا عليه، فنزلت هذه الآية. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي، عن محمد بن كعب القُرَظي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا مثلَ ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة، فنزلت. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد قال: قرأ رجل من الأنصار خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في كتاب "القراءة"، عن عبد الله بن مغفَّل: أنه سُئل: أكلّ من سمع القرآن وجب عليه الاستماع والإنصات؟ قال: إنما أُنزلت هذه الآية: {فَاستَمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا} في قراءة الإمام. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، والبيهقي، عن ابن مسعود: أنه صلّى بأصحابه، فسمع ناساً يقرؤون خلفه، فقال: أما أن لكم أن تفهمون؟ أما آن لكم أن تعقلون؟ {وإذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَه} . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن أبي هريرة أنه قال: نزلت هذه الآية في رفع الأصوات، وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عن الزهري: نزلت هذه الآية في فتىً من الأنصار كان رسولُ الله كلما قرأ شيئاً قرأه.

<<  <  ج: ص:  >  >>