وأما حجة أصحاب القول الأول، فاستدلوا بقوله تعالى: {وإذَا قُرئ القُرْآنُ فَاستَمِعُوا لهُ وأنْصِتُوا} (سورة الأعراف: رقم الآية ٢٠٤) ، وقالوا: إن نزوله كان في شأن القراءة خلف الإمام (وذكر الزيلعي أخباراً في أنَّ هذه الأية نزلت في القراءة خلف الإمام ١/٤٣٢) ، فقد أخرج ابن مردويه والبيهقيّ، عن ابن عباس، قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ خلفه قوم، فخلطوا عليه، فنزلت هذه الآية. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي، عن محمد بن كعب القُرَظي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا مثلَ ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة، فنزلت. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد قال: قرأ رجل من الأنصار خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في كتاب "القراءة"، عن عبد الله بن مغفَّل: أنه سُئل: أكلّ من سمع القرآن وجب عليه الاستماع والإنصات؟ قال: إنما أُنزلت هذه الآية: {فَاستَمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا} في قراءة الإمام. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، والبيهقي، عن ابن مسعود: أنه صلّى بأصحابه، فسمع ناساً يقرؤون خلفه، فقال: أما أن لكم أن تفهمون؟ أما آن لكم أن تعقلون؟ {وإذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَه} . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر عن أبي هريرة أنه قال: نزلت هذه الآية في رفع الأصوات، وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة. وأخرج ابن جرير والبيهقي عن الزهري: نزلت هذه الآية في فتىً من الأنصار كان رسولُ الله كلما قرأ شيئاً قرأه.